عبد الله بن حذافة السهمي

إبن قيس ، أبو حذافة القرشي السهمي ، أحد السابقين .
هاجر هو وأخوه قيس إلى الحبشة ، ونفذه النبي صلى الله عليه وسلم رسولاً إلى كسرى.
هو القائل : يا رسول الله ، من أبي ؟ وكان إذا لاحى الرجال دعي لغير أبيه ، فقال : أبوك حذافة .
خرج إلى الشام مجاهداً ، فأسر على قيسارية ، وحملوه إلى طاغيتهم ، فراوده عن دينه ، فلم يفتتن.

عن أبي سلمة : أن عبد الله بن حذافة قام يصلي ، فجهر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (يا ابن حذافة ، لا تسمعني وسمّع الله).
عن عمر بن الحكم بن ثوبان ، أن أبا سعيد قال : بعث رسول صلى الله بسرية ، عليهم علقمة بن مجزّز ، وأنا فيهم ، فخرجنا ، حتى إذا كنا ببعض الطريق ، استأذنه طائفة فأذن لهم ، وأمر عليهم عبد الله بن حذافة ، وكان من أهل بدر ، وكانت فيه دعابة فبينما نحن في الطريق ، فأوقد القوم ناراً يصطلون بها ، ويصنعون عليها صنيعاً لهم ، إذ قال : أليس لي عليكم السمع والطاعة ؟ قالوا: بلى . قال : فإني أعزم عليكم بحقي وطاعتي إلا تواثبتم في هذه النار ، فقام ناس ، فحتجزوا ، - أي شدوا أوساطهم فعل من يتهيأ - حتى إذا ظن أنهم واقعون فيها قال : أمسكوا ، إنما كنت أضحك معكم. فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكروا له ذلك فقال : (من أمركم بمعصية فلا تطيعوه).
عن أبي رافع ، قال : وجه عمر جيشا إلى الروم ، فأسروا عبد الله بن حذافة ، فذهبوا به إلى ملكهم ، فقالوا : إن هذا من أصحاب محمد. فقال : هل لك أن تتنصر وأعطيك نصف ملكي ؟ قال : لو أعطيتني جميع ما تملك ، وجميع ملك العرب ، ما رجعت عن دين محمد طرفة عين ، قال : إذا أقتلك. قال : أنت وذاك. فأمر به فصلب. وقال للرماة :

ارموه قريباً من بدنه ، وهو يعرض عليه ، ويأبي ، فأنزله. ودعا بقدر ، فصب فيها ماء حتى احترقت ، ودعا بأسيرين من المسلمين ، فأمر بأحدهما ، فألقي فيها ، وهو يعرض عليه النصرانية ، وهو يأبى . ثم بكى . فقيل للملك : إنه بكى ، فظن أنه قد جزع ، فقال : ردوه. ما أبكاك ؟ قال : قلت : هي نفس واحدة تلقى الساعة فتذهب ، فكنت أشتهي أن يكون بعدد شعري أنفس تلقى في النار في الله. فقال له الطاغية : هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك ؟ فقال له عبد الله : وعن جميع الأسارى ؟ قال : نعم. فقبل رأسه. وقدم بالأسارى على عمر ، فأخبره خبره. فقال عمر : حق على كل مسلم أن يقبل رأس ابن حذافة ، وأنا أبدأ ، فقبل رأسه.
ولعل هذا الملك قد أسلم سراً ، ويدل على ذلك مبالغته في إكرام ابن حذافة.
وكذا القول في هرقل إذ عرض على قومه الدخول في الدين ، فلما خافهم قال : إنما كنت أختبر شدتكم في دينكم.
فمن أسلم في باطنه هكذا ، فيرجى له الخلاص من خلود النار ، إذ قد حصَل في باطنه إيماناً ما ، وإنما يخاف أن يكون قد خضع للإسلام وللرسول، واعتقد أنهما حق، مع كون أنه على دين صحيح، فتراه يعظم للدينين ، فهذا لا ينفعه الإسلام حتى يتبرأ من الشرك.

مات ابن حذافة في خلافة عثمان رضي الله عنهم.

 

  //-->