آل العيتاني

نسب شريف وأصالة أسرية ودور علمي وتربوي وسياسي وتجاري  

■نسب آل بيهم، الحص، العيتاني وجذورهم التاريخية:

تعتبر أسر بيهم والحص والعيتاني أسرة واحدة، ومن الأسر البيروتية العريقة، وهي من الأسر العربية المغاربية من النسب الشريف، حيث تعود بجذورها إلى آل البيت النبوي الشريف. وهي تعتبر منذ مجيئها إلى بيروت المحروسة في العصور الوسطى إلى اليوم، في مقدمة الأسر البيروتية البارزة التي قامت بدور بارز في الميادين السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والخيرية والعلمية والإنسانية وسواها، وأسهمت في الفتوحات العربية والإسلامية منذ انطلاقتها من شبه الجزيرة العربية، ومن ثم من بلاد المغرب.

آل عيتاني: من الأسر الإسلامية البيروتية البارزة. ومن المعروف أن قبيلة بني العيتاني من أكبر القبائل العربية. وقد يظن البعض بأن انتشارها الكثيف يقتصر على بيروت، بل ما تزال الأسرة في انتشارها الواسع في أرجاء العالم العربي والعالم. فقد أشار المهندس محمود إبراهيم عيتاني، بأنه ما يزال في أسبانيا حتى اليوم أكثر من ستة آلاف شخص من آل العيتاني يعرفون باسم آل (Ithani)، كما يوجد في مدينة اوزاكا في اليابان حوالي عشرة آلاف شخص من الأسرة. وما تزال الأسرة منشرة في المغرب وتونس وليبيا والجزائر وبلاد الشام وتركيا.

وللأسرة وجود كثيف في منطقة «عيتان» في المغرب، وفي منطقة «عيتا» في الخليج، ولما وصلت تباشير الحملات الإسلامية إلى بلاد الشام، أطلقت أسماء «عيتا» في لبنان لا سيما عيتا الشعب وعيتا الفخار شبيهاً لعيتا الخليج إحدى مواطن العياتنة. وأشار المهندس محمود إبراهيم العيتاني، بأنه كان منذ عدة سنوات في رومانيا، فدخل مسجداً ومقبرة تاريخية إسلامية، لاحظ شاهداً على أحد قبور المقبرة محفور عليه اسم «إبراهيم آغا الاي عيتاني».

وآل العيتاني القدماء، كانوا يحترفون الزراعة، ويبيعون محاصيلهم من التين والعنب وأنواع الخضار المختلفة في أسواق بيروت القديمة التي كانوا يقصدونها على حميرهم في الصباح عند شروق الشمس ويعودون منها بعد الظهر، والشمس في طريق المغيب الامر الذي يضطرهم لتحمل مواجهة الشمس في الغدو والرواح، وذلك ما كان يزعجهم كثيرا.

وحتى عهد قريب كانت أراضي رأس بيروت وكرم الحمرا مخصصة للزراعة، ولعل بعض المسنين من سكان هذه المنطقة ما زالوا يتذكرون مساعدتهم لآبائهم في حراثة الأرض وقيامهم ببذرها في جل البحر، وجل الكوسا، وجل الخيار. واختراق زواريبها الضيقة الملتوية على ظهور حميرهم الفارهة التي كانت ترزح تحت احمالها من المحاصيل المذكورة.

على أن هذه الاسرة توزعت فيما بعد حينما انصرف بعض أفرداها للتجارة بينما حافظ البعض الآخر على احتراف الزراعة.

والذين حافظوا على احتراف الزراعة لم يبقوا جميعهم في مواطنهم القديمة برأس بيروت ومحلة الحمرا، بل انتشروا في الاحياء التي استحدثت في المدينة بعد توسعها ولا سيما في منطقة المصيطبة ؟ ومنطقة المزرعة والطريق الجديدة، ومنطقة المرفأ وسائر انحاء بيروت .

إن الوثائق البيروتية واللبنانية والعربية والعثمانية، فضلاً عن الوثائق القنصلية الأوروبية، وفي مقدمتها الوثائق والتقارير الفرنسية والبريطانية، تؤكد بأن وجهاء وأعيان آل بيهم والحص والعيتاني كانوا من أقدم الأسر البيروتية واللبنانية وكانوا في مقدمة الأسر البيروتية التي تولت مختلف المناصب والمسؤوليات الكبرى، لا حباً في زيادة الجاه، بل تطلعاً لخدمة المجتمع البيروتي واللبناني والعثماني. وفي الوقت نفسه، فإن أفراد آل عيتاني كانوا باستمرار يواجهون بكل جرأة أخطاء الحكام والولاة العثمانيين والفرنسيين واللبنانيين، فقد جمع أفراد هذه الأسرة العريقة عدة صفات وخصائص منها:

1- النسب الأصيل والشريف.

2- الأخلاق الحميدة والثوابت والقيم والمثل العليا.

3- العمل الخيري والإنساني والاجتماعي.

4- تشجيع وتقدير العلم والعلماء.

5- الإيمان بالمؤسسات الرسمية والخاصة ودعمها.

6- رفض الطائفية والمذهبية والإيمان بالعيش المشترك.

7- الإيمان بالأعمال التجارية الحرة والشريفة.

8- الاندماج في مؤسسات الدولة والمجتمع المدني لخدمة أبناء المجتمع.

9- الإيمان بالأعمال التطوعية الخيرية.

10- التواضع اللافت بالرغم من أن أفراد الأسرة كانوا من أغنى الأفراد في الدولة العثمانية، وبالرغم من توليهم أعلى المناصب.

11- بالرغم من أن الأسرة كانت من الطبقات الأرستقراطية، وبالرغم من أن أفرادها كانوا «أفندية» و»عمدة التجار» و»بكوات» و»أصحاب السعادة» و»أصحاب المعالي» و»أصحاب الدولة» وهم «السادات بيهم»، غير أنهم كانوا أقرب الناس إلى الناس، وكانوا أكثر الناس حباً وعطفاً على الناس، وكانوا أكرم الناس، وأكثرهم حباً للعلم وللعلماء، وأكثرهم تشجيعاً على الإقبال على العلم، وأكثرهم تحسساً بواقع المعوزين والمحتاجين. لهذا، فقد اعتبروا العائلة الأولى ليس في بيروت فحسب، وإنما في لبنان، بل هم من العائلات الأولى في العالم العربي.

وبكلمة موجزة، فإن أعمال وإنجازات وإسهامات آل بيهم – الحص - العيتاني منذ مئات السنين إلى القرن الحادي والعشرين تدل عليهم، فأينما توجه البيروتي واللبناني في شوارع ومناطق بيروت، فإنه يرى إنجازاً أو إسهاماً أو معلماً دينياً أو تربوياً أو إنشائياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو سياسياً لأحد أفراد الأسرة. لهذا، فإن ما من منطقة إِلا وفيها شارع باسم أفراد من «آل بيهم» أو الحص أو العيتاني، حتى إن شارع السادات هو نسبة «للسادات بيهم»، فضلاً عن شارع عبد الله بيهم، وشارع محمد علي بيهم، وشارع أحمد مختار بيهم، وشارع حسين بيهم، وشارع عمر بيهم، وشارع أمين بيهم وكلهم من الدوحة العيتانية. وبالمناسبة فإني أعترف كمؤرخ وباحث في تاريخ بيروت المحروسة، بأن أسرة آل عيتاني الكريمة لا تحتاج فحسب إلى كتاب يؤرخ لتاريخها وإسهاماتها، بل إنها تحتاج إلى مجلدات تاريخية لكثرة تلك الإسهامات والإنجازات. بل إن بعض أعيانها ووجهائها يحتاج كل واحد منهم إلى مجلد تاريخي.

■رجالات آل بيهم العيتاني في التاريخ:

آل بيهم من الأسر الإسلامية البيروتية العريقة، تعود بجذورها وأصولها إلى قبائل شبه الجزيرة العربية لا سيما قبيلة بني العيتاني (العيثاني) وهي من القبائل المنسوبة لآل البيت النبوي الشريف لا سيما إلى الإمام الحسن (رضي الله عنه). (جامع الدرر البهية، ص 62). ولا تزال قبيلة وأفخاذ بني العيتاني منتشرة في الخليج العربي والمغرب العربي.

ومن المعروف أن قبيلة بني العيتاني، أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام والعراق والمغرب العربي والأندلس، لهذا فإن فروع آلالعيتاني ما تزال منتشرة في تلك البلاد. ونظراً للأخطار التي واجهت بلاد الشام في العصور الوسطى لا سيما من قبل الحملات الصليبية، توجه الكثير من المغاربة، ومن بينهم قبائل العيتاني وفروعها للإسهام في الدفاع والرباط عن بلاد الشام وفي مقدمتها بيروت المحروسة، وقد أشار الرحالة ابن جبير في رحلته عن دور المغاربة في بلاد الشام في تلك المرحلة التاريخية، وقد اعتبر المغاربة – كسواهم – من أن المشاركة في الرباط هو واجب شرعي.

ولا بد من الإشارة، إلى أن نهاية العهد المملوكي وبداية العهد العثماني شهد المزيد من نزوح العائلات المغربية من بلاد المغرب إلى مصر وبلاد الشام لا سيما بعد سقوط الأندلس عام 1492م بيد الإسبان. والحقيقة، فإن المصادر التاريخية المعاصرة للعهد العثماني ووثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت أشارت إلى أن أسرة بيهم هي فرع من أسرة العيتاني، وهكذا أسرة الحص والعديد من الأسر البيروتية الأخرى.

ولقد برزت عائلة بيهم والحص والعيتاني في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية منذ قرون عديدة، فإن أمير الماء أو الأميرال إبراهيم العيتاني – قبودان باشا – قد ولاه السلطان سليمان القانوني في القرن السادس عشر قيادة قسم من الأسطول العثماني. ثم أصبح إبراهيم باشا أشهر الذين تولوا الصدارة العظمى في السلطنة العثمانية وذلك في 13 شعبان عام 929هـ-1523م. وقد تولى الحصار الأولى لمدينة فيينا في مطلع عام 936هـ-1529م، غير أنه أعدم في رمضان عام 948هـ-1542م. هذا بالإضافة إلى أن مكانة الحاج نجيب بيهم العيتاني دعت البابا «لاون» لأن يستقبله ويجتمع به في اجتماع خاص.

والحقيقة أن أسرة بيهم هي فرع من آل العيتاني إحدى أهم الأسر البيروتية، وتشير إحدى وثائق محمد جميل بيهم إلى أن الواقف إبراهيم بن خليل العيتاني كان من أعيان مدينة بيروت في القرن الثامن عشر.

■«انفصالاً عائلياً»

ويذكر المهتمون في تاريخ الأنساب أن أسرة العيتاني من الأسر التي نزحت من المغرب إلى بيروت في أعقاب جلاء الأسر الإسلامية عن الأندلس. وقد انفصلت أسرة بيهم عن أسرة العيتاني في أواخر القرن التاسع عشر، وبالذات في عهد حسين بيهم العيتاني بن ناصر بن محي الدين العيتاني. ولهذا الانفصال قصة اجتماعية مرتبطة بمآثر العائلة، وهي أن حسين المذكوركان كريماً مضيافاً يحسن إلى الفقراء والمعوزين ويوزع أمولاً عليهم. ومن أجل ذلك لقبه الناس وقتذاك بلقب «أبي الفقراء»، وأصبح الناس يشيرون إلى هؤلاء الفقراء والمعوزين على أن حسين بك هو «بيهم» أي والدهم. ومنذ ذلك التاريخ بدأ هذا الفرع من العائلة يأخذ اللقب الجديد «بيهم» منفصلاً بالتدريج عن اسم العائلة الأم «العيتاني».

هذا وقد أنجب حسين بيهم العيتاني ستة أبناء هم السادات: ناصر، محمد، يوسف، عمر، مصطفى، وعبد الله. وكان يوسف من ألمع هؤلاء، إذ أن تجارته الواسعة جعلته على صلة وثيقة بالأمراء والمقدمين والمشايخ اللبنانيين. ولما انتشر وباء الكوليرا في عهد الأمير بشير الشهابي الكبير، توجه يوسف بيهم مع عائلته إلى منطقة «عين عنوب» الجبلية، وإذ يفاجئ أهل المنطقة بقافلة كبيرة تدخل القرية، وكان دليلها يسأل عن منزل آل بيهم، فإذا بالقافلة محملة بشتى المؤن مهداة من الأمير بشير إلى أسرة بيهم النازلة في رحابه في الجبل.

وكان لهذه الحادثة وقع وأثر مهم في توطيد العلاقة بين آل بيهم العيتاني وبين الأسرة الشهابية. وكثيراً ما تبودلت الرسائل بين مصطفى بيهم العيتاني – جد المؤرخ محمد جميل بيهم – وبين الأمراء الشهابيين وسواهم من أمراء الجبل. والحقيقة فإن أسرة بيهم العيتاني قامت بدور مهم في أحداث 1860، إذ ساهمت في إخماد الفكر الطائفي، كما كان لها دور بارز في حماية المسيحيين في بيروت، وقد تولى هذا الأمر بالذات عمر أفندي بيهم العيتاني. وكان عمر بيهم العيتاني رئيس مجلس الشورى في عهد الحكم المصري 1831-1840، وكان الوجه الأول في مدينة بيروت، ورغم ذلك فقد كان مشهوراً بتواضعه. ولما سجن الشيخ سعيد جنبلاط في بيروت في أعقاب أحداث 1860 تولى مصطفى بيهم العيتاني رعايته في سجنه.

■في خدمة السياسة والمجتمع والثقافة والأدب..

اشتهرت أسرة بيهم بالعمل التجاري، غير أن بعض رجالها أظهروا ميلاً للسياسة والثقافة والأدب، ففي القرن التاسع عشر ظهر منهم بالإضافة إلى حسين وابنيه عمر ومصطفى المفكر حسن بيهم العيتاني الذي شارك في تأسيس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية عام 1295هـ-1878م، بالتعاون مع الشيخ عبد القادر قباني وبعض رجالات المسلمين. كما شارك حسن بيهم ومحي الدين بيهم العيتاني (1858-1925) باستقبال الإمبراطور الألماني غليوم الثاني أثناء مروره في بيروت عام 1898، باعتبارهما من أعيان بيروت، وذلك جنباً إلى جنب مع ميشال أفندي اده مدير الأمور الأجنبية، والشيخ عبد القادر قباني رئيس بلدية بيروت، وحبيب باشا السعد، والكونت فيليب دي طرازي وسواهم.

هذا وقد انصرف فريق من آل بيهم العيتاني لخدمة المجتمع، فأبلوا بلاءً حسناً في القضايا العربية والإنسانية والاجتماعية، فأحمد مختار بيهم كان من الرعيل الأول الذي اشتغل في قضايا الاستقلال. وكان حسين بيهم (والد مختار) رئيساً للجمعية العلمية السورية التي اعتبرت نواة المجتمع العلمي، كما كان شديد الصلة بالأمير عبد القادر الجزائري، وبشريف مكة عبد المطلب، الذي جرى بينهما تعاون وثيق من أجل استقلال العرب عن الدولة العثمانية. غير أنه من الأهمية أن نذكر أن بعض وجهاء آل بيهم العيتاني كانوا عثمانيو السياسة، فبعد ظهور حركة سرية في بيروت وتوزيعها المناشير المعادية للأتراك ذكر القنصل الفرنسي العام في سوريا أن عائلة بيهم العيتاني البيروتية أرسلت إلى الوالي رسالة موقعة من وجهائها تدين ما جاء في المناشير في «أفكار هدامة وتدعو لملاحقة صارمة لهذه الألاعيب المجرمة».

■من أبرز رجالات آل عيتاني

برز من أسرة العيتاني العديد من رجالاتها، منهم على سبيل المثال:

1- برز في العهد العثماني من آل بيهم السيد حسين بن ناصر بن محيي الدين العيتاني وهو غير الحاج حسين بن عمر بيهم الأديب والشاعر والوجيه. كما برز أولاده من زواجه من السيدة صالحة قرنفل وهم السادة: محمد، يوسف، عمر، ناصر، مصطفى، وعبد الله والسيدة خديجة.

2- وبرز من أسرة بيهم العيتاني في العهد العثماني العديد من وجوه التجار ووجهاء المجتمع البيروتي والعثماني، منهم على سبيل المثال السادة: الحاج نجيب بيهم العيتاني. كما برز الوجيه عمر بن حسين بيهم العيتاني الأول من أعيان بيروت المشهورين بكثرة تواضعهم، ومن كبار وجهائها في القرن التاسع عشر، وكان عمدة للتجار في بيروت المحروسة، وأصبح رئيساً لمجلس الشورى في فترة الحكم المصري لبلاد الشام (1831-1840). وكان لقبه عام 1259هـ-1843م حسب سجلات المحكمة الشرعية في بيروت «عمدة التجار عمر جلبي بن الحاج حسين بيهم العيتاني». قام عمر بيهم بدور مشكور في إخماد الفتنة الطائفية التي قامت في جبل لبنان عام 1860. كما برز شقيقه الحاج عبد الله بيهم، وقد ورد في سجلات المحكمة الشرعية في بيروت أيضاً معلومات عن الأخوين الشقيقين بأنهما «عمدة التجار المعتبرين الأخوين الشقيقين السيد عمر والحاج عبد الله ولدي المرحوم السيد حسين بيهم العيتاني...». ومما يلاحظ من خلال معاملات الشراء العديدة لصالح الشقيقين السيد عمر والحاج عبد الله بيهم أنهما كانا من الموسرين الأثرياء والوجهاء في آن معاً.

ومما يلاحظ بأن مفتي بيروت الشيخ عبد اللطيف فتح الله (1766-1844) قد أشار في ديوانه، الجزء الأول، ص (532) إلى السيدين يوسف وعمر ولدا المرحوم الحاج حسين بيهم العيتاني. كما جاء في الصحيفة (8-9) من السجل 1259هـ-1843م من سجلات المحكمة الشرعية في بيروت إلى «افتخار التجار المعتبرين السيد مصطفى ابن المرحوم السيد حسين بيهم العيتاني» وهو جد المؤرخ العلامة محمد جميل بيهم (1887-1978). (د. حسان حلاق: أوقاف المسلمين في بيروت في العهد العثماني، ص 152).

ونظراً لأهمية آل بيهم في الميدان الاقتصادي والتجاري، فقد أشار القنصل الفرنسي في بيروت المحروسة هنري غيز في 15 كانون الثاني 1827 في تقرير قنصلي صادر من بيروت إلى وزير خارجيته في باريس، بأن الحاج يوسف بيهم العيتاني يعتبر من التجار المعتبرين البارزين مع السادة إخوته. وبما أنه كان أحد وجهاء وتجار بيروت.

3- كما برز من الأسرة شقيقه عمر بن حسين بيهم العيتاني الذي برز في العهد العثماني، لا سيما في فترة الحكم المصري لبيروت وبلاد الشام بين أعوام (1831-1840)، فقد عيّن إبراهيم باشا بن محمد علي باشا محمود نامي بك جركس متسلماً (محافظاً) على بيروت المحروسة، كما شكل مجلس شورى بيروت من اثني عشر عضواً مناصفة بين المسلمين والمسيحيين ستة من المسلمين وهم السادة:

عمر بيهم العيتاني، عبد الفتاح آغا حمادة (متسلم بيروت فيما بعد) أحمد العريس، حسن البربير، أمين رمضان، أحمد جلول. وستة من المسيحيين وهم السادة: جبرائيل حمصي، بشارة نصر الله، الياس منسى، ناصيف مطر، يوسف عيروت، وموسى بسترس.

تزوج عمر بك بيهم العيتاني من إحدى قريبات والدته، وهي السيدة خديجة قرنفل، وأنجب منها السادة والسيدات: محيي الدين، حسين، عائشة، أسماء، وسعدى. وقد برز الأنجال والكريمات في ميادين البر والإحسان والعلم والكرم والأوقاف الإسلامية، ومما يلاحظ بأن السيد محيي الدين بن عمر بيهم العيتاني قد تولى مناصب إدارية وعلمية عديدة منها عضوية «مجلس إدارة لواء بيروت» و»رئاسة شعبة المعارف» وعضوية «مجلس كبير فوق العادة» عام 1860 الذي تولى التحقيق في أحداث عام 1860 في جبل لبنان بناء على طلب القائد فؤاد باشا. كما كان محيي الدين بك بيهم مقرباً من والي بيروت نصوحي بك، وقد عهد إليه الأشراف على تجديد مقام النبي يحيى (عليه السلام) في الجامع العمري الكبير.

4- تولى السيد محيي الدين بيهم العيتاني رئاسة مجلس بلدية بيروت بين أعوام 1877-1888، ثم استقال احتجاجاً على ضرائب البلدية المفروضة على الفقراء. وقد بادر بدفع قيمة هذه الضرائب للفقراء من جيبه الخاص، ثم رفض فيما بعد تولي مناصب رسمية مفضلاً العمل الخيري والإنساني والاجتماعي إلى أن توفاه الله عام 1904. كما برز شقيقه السيد مصطفى حسين بيهم بن ناصر الذي أنجب السادة: عبد الرحمن وعبد الغني ومحمد (والد العلامة المؤرخ محمد جميل بيهم وعادل وعفيف بيهم وخير الدين).

5- وبرز من أنجال السيد حسين بن ناصر بيهم العيتاني الأول السيد عبد الله الذي أنجب السادة والسيدات: خليل، محمد، عبد القادر، عثمان، نجيب، والحاجة صفية والحاجة رقية والحاجة أمينة. وقد عمل عبد الله في ميدان التجارة كوالده وأشقائه، وازدهرت تجارته، فأنشأ عام 1850 قصراً ورد ذكره في سجلات المحكمة الشرعية في بيروت، وذلك في محلة باب إدريس. وهذه الدار – القصر حلّ فيها الأمير عبد القادر الجزائري ضيفاً عندما وصل إلى بيروت عام 1856، وقد اشترته الدولة الفرنسية عام 1911، ليستقر المعهد الفرنسي للآثار. وما يزال هذا القصر قائماً تجاه مبنى ستاركو قريباً من الأسواق التجارية، وقد اعتني به، وتم ترميمه.

ومما يجب ذكره، بأن البيروتيين تقاطروا من كل حدب وصوب إلى قصر عبد الله بيهم العيتاني للترحيب بالأمير عبد القادر الجزائري، كما شهد محمد بن عبد الله بيهم تقاطر الشعراء إلى القصر لتكريم الأمير عبد القادر الجزائري ومدحه، ومن بين هؤلاء العلامة الشاعر الشيخ القاضي أبو الحسن قاسم الكستي.

■مصاهرة آل بيهم وآل جزائري

وفي هذا القصر المنيف تم الاحتفال بزفاف عبد الرحيم نجل عبد القادر بيهم وحفيد عبد الله بيهم على كريمة الأمير محيي الدين الجزائري حفيد الأمير عبد القادر الجزائري. وفيه أيضاً تم الاحتفال بخطبة عادلة عبد الرحيم بيهم إلى الأمير مختار الجزائري.

ومن الأهمية بمكان القول، بأن السيد عبد الله بيهم العيتاني، كان قد تولى عام 1860 رئاسة «مجلس التجارة» في بيروت المحروسة، في حارة محمود نامي بك تجاه خان السيد (السيد عبد الفتاح آغا حماده) في المرفأ. وكان مسؤولاً عن شؤون التجار في بيروت، والعمل على حل المنازعات فيما بينهم، ومتابعة مصالحهم.

لقد كان لعبد الله بيهم وللكثير من آل بيهم مواقف نبيلة من نصارى جبل لبنان لا سيما أبان الفتن الطائفية بين أعوام 1840-1860. وقد أشار الأديب خليل الخوري منوهاً بمواقف المسلمين البيارتة لحماية المسيحيين النازحين من الجبل. ومما قاله:

«وهنا نثني على جناب العلامة الشيخ محمد الحوت صاحب البر والفضل الشهير الذي لا يفتر عن الأنذار بالخير والصلاح... كما أننا لا ننكر فضل جناب العلامة الشيخ عبد الله خالد، وجناب السيد عبد الله أفندي بيهم رئيس مجلس التجارة، وجناب السيد محمد البربير مع المتميزين من وجوه الإسلام الذين مارسوا أُبَّهتهم بكل ما يوطد الألفة والمحبة بين الجميع» (حديقة الأخبار، أيار 1860 العدد 127) ومما يجب ذكره، بأن السيد عبد الله بيهم ترأس أول مجلس بلدي في بيروت المحروسة عام 1864، وقد شهدت بيروت في عهده تطوراً اجتماعياً وصحياً وبيئياً وإنشائياً ومعمارياً. استمر عاملاً طيلة حياته من أجل بيروت والبيارتة – كعادة آل بيهم العيتاني في الخدمة العامة – إلى أن توفاه الله عز وجل في شهر ذي الحجة 1303هـ-أيلول 1886م. ووفاء وتقديراً لأعماله الجليلة فقد قام أنجاله طيلة أربعين يوماً بعد وفاته بالإنفاق عن روحه الطاهرة في وجوه البر والإحسان على الفقراء والمحتاجين، فضلاً عن تلاوة القرآن الكريم في المساجد والزوايا البيروتية.

■بناء مسجد «عين المريسة»

ويذكر بأن السيد عبد الله بيهم العيتاني قد أوصى قبل وفاته ببناء مسجد في منطقة عين المريسة، وبالفعل، فقد قام نجله محمد بشراء الأرض من ماله الخاص، متعاوناً مع الشيخ محمد علايا والشيخ محمد الهبري بين عامي 1886-1887، وقد احتفل عام 1887 بإفتتاح المسجد وأداء الشعائر الدينية، وتلي المولد النبوي الشريف. وبالمناسبة، فقد استقدم الشيخ سلامة حجازي مع بقية المنشدين من مصر المحروسة خصيصاً لهذه المناسبة (صحيفة بيروت، تشرين الأول 1886 العدد 63، وآذار 1887 العدد 106، وتشرين الثاني 1887 العدد 175، وعبد اللطيف ‏فاخوري: محمد عبد الله بيهم، ص 90)‏.

■الأبناء على خطى الأب

6- ومن الأهمية بمكان القول، بأن أولاد الحاج عبد الله بيهم العيتاني السادات: محمد، عبد القادر، عثمان، ونجيب ساروا على درب والدهم في أعمال البر والإحسان، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وتشجيع البيارتة على طلب العلم. والجدير بذكره، أن حسن بيهم بن عبد القادر بيهم حفيد الحاج عبد الله بيهم كان أحد مؤسسي جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت عام 1878. بينما تولى نجيب ابن الحاج عبد الله بيهم المتوفى عام 1899 رئاسة غرفة تجارة بيروت عام 1887 (رئيس أوده تجارة بيروت)، وهو اجتمع مع البابا (Léon 13) الذي تولى البابوية بين أعوام 1878-1903، واعتبر الاجتماع في حينه اجتماعاً مميزاً واستثنائياً بين رأس الكنيسة الكاثوليكية وأحد أعيان ووجوه المسلمين البيارتة من آل بيهم. كما كان عثمان بيهم ابن الحاج عبد الله بيهم أحد وجوه بيروت المحروسة البارزين، وهو والد عبد الله بيهم أمين سر الدولة عام 1934-1936، و1939-1941، وعام 1943 (أول رئيس وزراء مسلم في لبنان) في أول حكومة عهد الرئيس حبيب باشا السعد، ووالد السادات: نور الدين وصلاح وزين والسيدة وداد عقيلة السيد حسن القاضي (د. حسان حلاق: تاريخ لبنان المعاصر 1913-1952، ص 150، 178).

وهكذا، يلاحظ من خلال دراسة سجلات المحكمة الشرعية في بيروت، ومن خلال الوثائق والمصادر المعاصرة، بأن الحاج حسين بيهم العيتاني الأول المتوفى قبل عام 1843م – حسب سجلات المحكمة الشرعية في بيروت – كان من أبرز الوجوه البيروتية والعثمانية. كما برز في أواخر القرن التاسع عشر عزتلو محمد أفندي بن الحاج عبد الله بن الحاج حسين بيهم رئيس مجلس بلدية بيروت استناداً إلى السجل 1314-1316هـ حوالى عام 1893م، ص 33، من سجلات المحكمة الشرعية في بيروت.

7- هذا، وقد شهدت بيروت المحروسة الحاج حسين بيهم العيتاني الثاني (1833-1881) نجل عمدة التجار المعتبرين السيد عمر بن الحاج حسين بن ناصر بن محيي الدين العيتاني، وهو فضلاً من أنه كان أحد كبار التجار والوجهاء في بيروت، فقد كان أديباً وشاعراً، تعلم على الشيخين العالمين محمد الحوت وعبد الله خالد، وهو من رثى الحاج حسين بيهم العيتاني، أستاذه العلامة الشيخ محمد الحوت (1795-1860).

كما رثى الحاج حسين بيهم العيتاني أستاذه الشيخ عبد الله خالد المتوفى عام 1862 شعراً بعد أن دفن في جبانة الباشورة. كان عضواً ثم رئيساً للجمعية العلمية السورية عام 1868، وكان عضواً في مجلس إيالة صيدا الكبير، وفي محكمة استئناف التجارة، وفي المجلس البلدي، وفي مجلس إدارة بيروت كما كان عضواً في «مجلس قومسيون لم العسكر فوق العادة في بيروت». (أنظر كتابنا: بيروت المحروسة في العهد العثماني، ص 231-233، الدار الجامعية – بيروت 1987). كما كان الحاج حسين بيهم العيتاني الثاني أحد أبرز وجوه بيروت المحروسة والدولة العثمانية في القرن التاسع عشر، وهو الذي اشتهر عنه بأن حمل لواء الدفاع وحماية المسيحيين في بيروت وجبل لبنان بعد فتنة الجبل عام 1860، كما والده تماماً السيد عمر بيهم العيتاني. كما تميز بأنه لم يكن يميز بين الطوائف والمذاهب.

ومن الصفحات المضيئة والخالدة في تاريخ الحاج حسين بيهم العيتاني الثاني أنه كان جريئاً وصارماً، فبالرغم من تأييده للدولة العثمانية غير أنه وقف باستمرار يتصدى للولاة وكبار الضباط الذين كانوا يحاولون جمع الشباب البيروتي ممن هم دون سن الثامنة عشر للسفر للجهادية خلافاً لما حددته الفرمانات السلطانية، وكان له ما أراد مما دعا والي بيروت خورشيد باشا لاحترامه وتقديره ونقل الضابط المخالف من بيروت إلى مدينة أخرى. كما انتخب نائباً لبيروت في مجلس المبعوثان الأول (مجلس النواب العثماني) في الآستانة عام 1877. توفي – رحمه الله – عام 1881 وسط حشد كبير من المشيعين لم تشهد بيروت المحروسة مثيلاً له. (دفن جثمانه الطاهر مع ضريح والده المرحوم عمر بن حسين بيهم العيتاني في جبانة السمطية).

ويبدو، أن آل بيهم كانوا في مقدمة الأسر البيروتية التي شجعت البيارتة على تلقي العلم، لذلك نرى أن حسين بيهم أشار في أحد اجتماعات «الجمعية العلمية السورية» إلى أهمية العلم والعلماء.

ومما يلاحظ، بأن حسين بيهم العيتاني لم يكن محباً ومشجعاً للعلم فحسب، بل كان مشجعاً للنهضة الاقتصادية والعمرانية في بيروت المحروسة، فعند بناء وإقامة آل حماده «سوق السيد» عام 1864 في باطن بيروت المحروسة (نسبة لوالدهم السيد عبد الفتاح آغا حماده متسلم مدينة بيروت)، والذي عرف فيما بعد باسم «سوق أياس» بسبب شراء آل إياس لهذا السوق، فقد نظم الحاج حسين بيهم شعراً بالمناسبة حفر على مدخل السوق.

وقد تفرع عن أسرة العيتاني أسر: بيهم، الحص، الغندور، وأكثر من أربعين عائلة بيروتية. غير أن الأمر اللافت في أسرة العيتاني كثرة ألقاب الفروع، فما من أسرة بيروتية أو لبنانية حملت ألقاباً كأسرة العيتاني، ومن بين هذه الألقاب: شباط، وابور، الغول، قاطور، حبوب، وقد أطلق على الحاج خليل عبد الحميد عيتاني مؤذن سابق في جامع خالد بن الوليد لقب «عروب» لأن والدته السيدة عربية شاتيلا تمييزاً له عن خليل عيتاني آخر. والمشهور عن الحاج خليل عيتاني أنه أدى فريضة الحج (27) مرة، وقد عاش (110) سنوات. وهذه ميزة الكثير من أفراد آل عيتاني فإنهم يعيشون سنوات طويلة.

ويستفاد من ديوان مفتي بيروت الشيخ عبد اللطيف فتح الله (1766-1844) من أن أسرة الغندور هي فرع من آل العيتاني لإشارته إلى السيد مصطفى الغندور ابن المرحوم صالح العيتاني (الديوان، جـ1، ث 384، 472-473) كما يستفاد من ديوان المفتي فتح الله، جـ1، ص 565، من أن أسرة المهتدي في بيروت هي فرع من آل العيتاني أو اعتنقت الإسلام بواسطة آل عيتاني لإشارته إلى مصطفى المهتدي الشهير بتابع العيتاني.

إن بيروت المحروسة وآل العيتاني توأمان لا ينفصلان، فإذا ذكرت بيروت لا يمكن ‏إلا ويذكر معها آل العيتاني هذه العائلة الأصيلة التي أسهمت في بناء المساجد وترميمها وتولي ‏أوقافها وفي مقدمتها جامع عين المريسة وجامع البسطة الفوقا وجامع المجيدية، وجامع الإمام ‏الأوزاعي () وسواها الكثير، وأسهمت العائلة في بناء المدارس والمؤسسات ‏التربوية والخيرية والاجتماعية والإنسانية وفي مقدمتها جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية.

كما برز من العائلة: والد رئيس وزراء لبنان الأسبق د. سليم ‏الحص العيتاني، كما برز عضو المجلس البلدي د. سليم ‏عيتاني وأشقاؤه د. سعد الدين، ود. وليد، والكاتب بالعدل خالد عيتاني، والطبيب الدكتور عبد الله عيتاني، وشقيقته الدكتورة آسية عيتاني، وشقيقها القاضي كمال بك عيتاني، والعميد في قوى الأمن اللبناني سابقاً مختار العيتاني وله إسهامات أمنية ووطنية وبيروتية على غاية من الأهمية، والمقدم عصام عيتاني، والمهندس محمود إبراهيم العيتاني أحد متخرجي الجامعة الأميركية والجامعات الألمانية، والسيد نبيل عيتاني رئيس مجلس إدارة مؤسسة إيدال، والمهندس جمال عيتاني رئيس مجلس الإنماء والإعمار السابق، والطبيب الدكتور محمد عيتاني، وكمال بك عيتاني رئيس محكمة الاستئناف ومفتش وزارة العدل القضائي سابقاً، والدكتورة زكية عيتاني إحدى المسؤولات في هيئة الأمم المتحدة في باريس، والمربي أحمد بن محمد العيتاني، وشقيقه السفير خليل عيتاني، والمهندس فوزي العيتاني، والشيخ محمد عيتاني، والسيد نجيب بك عيتاني وحسن بك عيتاني أحد المناضلين عام 1943 ضد الانتداب الفرنسي، وصاحب كتاب «مذكرات بيروتي»، والمحامون: محمد زكريا عيتاني، وعبد الله عيتاني، ورفيق العيتاني، وعبد اللطيف عيتاني، والأديب محمد عيتاني، والناشر فؤاد عيتاني، والطبيب الدكتور سليم عيتاني، والقاضي الشرعي الشيخ سعد الدين عيتاني، والناشر سعد الدين عيتاني، والدكتور مهيب عيتاني المدير العام السابق لكهرباء لبنان، ومختار رأس بيروت عبد الله عيتاني، ورجل الأعمال مروان عيتاني، والمهندس بشير عيتاني منسق تيار المستقبل في بيروت، وشقيقتاه المهندسة بشرى عيتاني عضو مجلس بلدية بيروت، رئيسة اللجنة الثقافية في البلدية، والمهندسة جاهدة عيتاني إِحدى المسؤولات في بلدية بيروت المحروسة، ود. عبد الباسط عيتاني، والطبيب الدكتور توفيق عيتاني، ورجل الأعمال السيد رياض عيتاني، والسيد بهيج عيتاني رئيس لجنة المعادلات في وزارة التربية الوطنية، والتربوي الأستاذ عبد الله عيتاني، والدكتور الحقوقي زياد عيتاني القائم بأعمال السفارة اللبنانية في الرياض، والمهندس سعود عيتاني، والأستاذ محيي الدين عيتاني مسجل كلية الآداب في جامعة بيروت العربية، والدكتور سعد الدين عيتاني، والمهندس سامر عيتاني ولديّ المهندس محمد علي عيتاني. كما عرف د. زهير عيتاني والمهندس المخضرم الناشط محمود عيتاني، والدكتور محمد صادق عيتاني، والطبيب الدكتور محمد عيتاني (طبيب أطفال)، والسيد زهير عيتاني أحد كبار تجار بيروت – رئيس جمعية تجار الحمراء، وهو أحد الناشطين في الميادين الاقتصادية والاجتماعية.

كما برز من الأسرة أمين عام الاتحاد العربي للناقلين البحريين محمد مصطفى عيتاني، وهو في الوقت نفسه رئيس جمعية أصحاب السفن اللبنانية، وهو عضو بارز في جمعية آل عيتاني، فضلاً عن إسهاماته في ميادين المجتمع الأهلي والمدني في بيروت المحروسة.

وهناك سيرة حافلة بأسماء العائلة ممن قاموا ‏بأدوار اجتماعية واقتصادية وإنسانية وسياسية، مما لا يسمح بذكرهم جميعاً في هذا المجال.

إن آل العيتاني أسرة تحتاج بأسمائها وأعلامها وتاريخها وإنجازاتها البيروتية واللبنانية والعربية إلى مجلدات عديدة وليس إلى صفحات فقط.

وعرف من الأسرة الطبيبة الدكتورة آسيا مصطفى راشد عيتاني أول طبيبة في أسرة العيتاني المتوفاة في بيروت في 10 نيسان 2010 (الحائزة على ميدالية الاستحقاق اللبناني المذهبة) أرملة المرحوم الدكتور علي توفيق سعد. أشقاؤها المرحومون القاضي كمال وعبد الحميد والمهندس صلاح الدين والمهندس محمد فوزي والدكتور عبد الله والعادل عمر. وبرز من الأسرة المهندس عماد والدكتور كمال والمهندسة تميمة.

■النائب محمد الأمين محمود عيتاني

من مواليد بيروت المحروسة عام 1940، تربى في كنف أسرة عيتانية ملتزمة بالمبادئ الوطنية والعربية والإسلامية، والقيم الأخلاقية. درس في مدارس المقاصد، ثم تابع في (IC) الانترناشيونال كولدج، وتابع دراسته في الجامعة الأميركية فنال منها بكالوريوس في الاقتصاد.

التحق في سلك التعليم في مدارس المقاصد في بيروت، كما عمل مسؤولاً إدارياً فيها، وأسهم وشارك في عدة أنشطة وطنية وعربية، مدافعاً عن القضية اللبنانية وقضية فلسطين، وقد سجن في مطلع شبابه عدة مرات بسبب مواقفه الوطنية والقومية. كما آمن بالعيش المشترك الإسلامي – المسيحي، ودافع منذ سنين عديدة عن الصيغة اللبنانية التوافقية.

■الحاج عبد الرحمن العيتاني

الحاج عبد الرحمن عيتاني، المواطن البيروتي الشريف. عاش مع الناس في بيروت وتحسس همومهم، فانطلق يعمل ضمن جمعيات خيرية وإنسانية قائمة، ثم وجد أن هناك نقصاً في ميادين أخرى لم تتناولها خدمات هذه الجمعيات، فقام ولفيف من محبي الخير والعطاء إلى تأسيس أندية وطنية وسياسية غطت خدماتها واهتماماتها سائر الطبقات والطوائف البيروتية.

ووجد في اشتداد الحرب اللبنانية، أن هناك محاولات لتغيير وجه بيروت الحضاري فانبرى يعاونه جمع من أبناء رأس بيروت للتصدي لهذه المؤامرة. فكانت هناك مؤتمرات ولقاءات متعددة، تدارست الأوضاع القائمة وسبل تخفيفها والحفاظ على وحدة العاصمة وتماسك أبنائها. ثم تطورت هذه المحاولة فتألفت لجان وجمعيات خففت من وطأة المحنة على المواطن البيروتي، فإذا به يجمع إلى الأعمال الخيرية والإنسانية العمل الوطني.

إن الحاج عبد الرحمن عيتاني، ضحى وعمل وسهر من أجل المجتمع، فعندما كان يعمل لم يكن هاجسه الشكر والتقريظ، إنما كان يعمل من أجل مرضاة ربه، ومن ثم إرضاء نفسه.

■نشاطاته وإنجازاته الوطنية والاجتماعية والإنسانية

الحاج عبد الرحمن عبد الله العيتاني ولد عام 1909 في منطقة رأس بيروت، تربى في بيت أسس على الورع والتقوى. وكان والده الحاج عبد الله يتعاطى السياسة والعمل الوطني، فنشأ نشأة وطنية. وتمرس على العمل الاجتماعي والإنساني، منذ حداثته.

ترك المدرسة في سن مبكرة، واشتغل في التجارة بصورة عامة، ثم تخصص في تجارة العقارات والأبنية.

كانت اهتماماته الوطنية والاجتماعية تزداد وتكبر بحجم الأحداث الوطنية الكبيرة التي طرأت على لبنان منذ عهد الاستقلال سنة 1943، مروراً بالانتفاضات المسلحة سنة 1957 و1958 إلى الحرب الأهلية الأليمة سنة 1975. عندئذ ترك أعماله التجارية وانصرف نهائياً إلى العمل الوطني والاجتماعي فشارك في مؤتمرات عديدة، وأسس حركات وطنية واجتماعية متعددة وأنشأ وترأس عشرات الجمعيات الخيرية والإنسانية. نذكر أهمها:

- رابطة الأحياء البيروتية في عهد الاستقلال 1943، رابطة المساجد في بيروت 1947، رابطة رأس بيروت للبر والإحسان 1948، جمعية ابن خلدون الخيرية 1949، جمعية بني العيتاني الخيرية، اتحاد جمعيات وروابط العائلات البيروتية 1968، الجبهة الموحدة لرأس بيروت 1975، اللقاء الوطني للمحافظة على وجه بيروت الحضاري 1976، الجمعية الخيرية لرعاية المسلمين 1976، مدارس رعاية أطفال المسلمين 1976، المؤتمر الشعبي اللبناني 1977، المؤتمر الدائم لدعم الجامعة الأميركية 1982، اللجنة الأهلية لإعمار بيروت 1982، جمعية المحافظة على التراث في بيروت 1991 وسواها.

■الحاج نجيب العيتاني

كان من أثرياء بيروت، تعاطى التجارة كغيره من أسلاف عائلته بالاشتراك مع قريبه عثمان. وكان محباً للأسفار في مختلف البلدان والأقطار سعياً وراء مصالحه التجارية من جهة، وللترويح عن نفسه والتعرف على خلق الله في مناطقهم من جهة ثانية. وقبيل وفاته بثلاثة أعوام، وكان متنقلاً بين العواصم الأوروبية حتى ألقى رحاله في روما حيث زار البابا لاون الثالث عشر. وكان عمره يومئذ في حدود التسعين سنة. فاستقبله أمير الكنيسة الكاثوليكية وأكرم وفادته ودام لقاء الرجلين حوالي نصف الساعة كان الحاج نجيب أثناءها يجلس بجانب ذلك الحبر الكبير. وجدير بالذكر أن مقابلة بابا الفاتيكان في تلك الأيام كانت امتيازاً لا يحظى به إلا العظماء من قادة الأمم وحكامها. على خلاف ما يجري اليوم بعد أن أصبحت كل هذه المقابلات أمراً مألوفاً للكبير بقومه والصغير على حد سواء. ويمكن القول بأن هذا اللقاء بين كبير النصارى وأحد أعيان المسلمين كان حدثاً مثيراً للاهتمام في ذلك الوقت الذي لم يكن فيه حتى إمكان تصور وقوعه، لذلك اعتبر عند الناس وحيداً من نوعه في العلاقات بين المسلمين والنصارى سواء بالنسبة لهؤلاء أو بالنسبة لأولئك. وكانت وفاة نجيب العيتاني المذكور في 23 ذي القعدة سنة 1317هـ (1899م).

■الشيخ محمد يوسف العيتاني

الشيخ محمد يوسف العيتاني من رواد التربية والتعليم الديني في بيروت كرفاقه في عصره الشيخ نعمان الحنبلي، محمد ياسين، الشيخ نديم الأرناؤوط والشيخ عبد الستار دوغان والشيخ محمد عساف وسواهم ممن كانت كتاتيبهم يومئذ مفتاح العلوم الدينية واللغوية لأبناء بيروت كل في حيه ومنطقته.

وقد تطور كتاب الشيخ محمد يوسف العيتاني الإمام والخطيب والمدرس في جامع الزاوية الحمراء في رأس بيروت، فأصبح مدرسة كبيرة أدارها وأشرف عليها ولده من بعده الحاج الأستاذ عبد اللطيف خلال مدة خمسين سنة منذ العام 1929 لغاية العام 1979 حين توفاه الله وهو لا زال يقوم برسالة التوجيه والتربية، وهذه المدرسة لا تزال تحمل اسم «مدرسة دار الحمراء الحديثة» وتمارس عملها وتؤدي رسالتها.

■الأستاذ والمربي أحمد محمد العيتاني

برز في حقل التربية والتعليم الأستاذ والمربي الكبير أحمد بن محمد العيتاني الذي أسس «معهد البكالوريا المسائي» العام 1952 في مدرسة ذي النورين للمقاصد الخيرية الإسلامية في محلة رأس النبع، وكانت باكورة لعدد من المدارس المسائية ومشاريع التعليم التي قامت بها الدولة والمؤسسات التعليمية في عهد الاستقلال لإتاحة فرص التعليم أمام العمال والموظفين الذين اضطرتهم ظروف حياتهم المعيشية إلى ترك تعليمهم والعمل للكسب والعيش.

وقد ساهم هو وبعض وجهاء العائلة في تأسيس وتنمية جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية التي لم تخل مجالس إدارتها منذ تاريخ تأسيسها ولغاية الآن من اسم عضو أو أكثر يحمل اسم العائلة.

وقد شارك أفراد العائلة بصورة دائمة في مجلس بلدية بيروت أو في رئاسته أمثال المهندس فوزي الحاج راشد العيتاني والسيد حسن نجيب العيتاني وصلاح الدين الحاج راشد العيتاني والسيد محمد أمين بيهم العيتاني والصيدلي الدكتور سليم محمد حبوب العيتاني، والمهندسة بشرى العيتاني.

■أصول وفروع .. وإسهامات

أسهمت أسرة آل عيتاني من خلال أصولها وفروعها بإسهامات سياسية ودينية واجتماعية واقتصادية وعسكرية وبلدية وسواها. فقد تبوأ أفراد منها رئاسة الوزراء وهما:

1- الرئيس عبد الله بن عثمان بيهم العيتاني (1879-1962).

2- الرئيس سليم الحص العيتاني (1929-    ).

كما تولى أفراد منها مناصب وزارية ونيابية وهم:

1- محمد بن عبد الله بيهم العيتاني (1847-1915) نائب في مجلس المبعوثان العثماني، وعضو مجلس الأعيان العثماني.

2- حسن بن عبد القادر بن عبد الله بيهم العيتاني (1858-1925).

3- عبد الله بن عثمان بيهم العيتاني (1879-1962) نائباً ورئيساً للوزراء.

4- عمر بن محيي الدين بيهم العيتاني (1879-1964).

5- أمين بن أحمد مختار بيهم العيتاني (1899-1981) نائباً ووزيراً ورئيساً لبلدية بيروت.

6- فوزي الحص العيتاني (1910-1966).

7- سليم الحص العيتاني (1929-) رئيساً للوزراء ووزيراً ونائباً.

8- بهاء الدين العيتاني (1941).

9- محمد الأمين العيتاني (1940-).

أما رؤساء بلدية بيروت من آل بيهم العيتاني فهم سبعة رؤساء وهم على التوالي:

1- عبد الله بن حسين بيهم العيتاني عام 1864.

2- محيي الدين بيهم العيتاني أعوام 1874-1877.

3- محمد بن عبد الله بيهم العيتاني أعوام 1894-1897.

4- عبد القادر بيهم العيتاني عام 1906.

5- أحمد مختار بيهم العيتاني أعوام 1913-1914.

6- عمر بن محيي الدين بيهم العيتاني عام 1920.

7- أمين بن أحمد مختار بيهم العيتاني 1962-1981.

بالإضافة إلى أعضاء كثر في مجالس بلدية بيروت المحروسة منهم، المهندس فوزي عيتاني (منذ عام 1945) ود. سليم عيتاني، والمهندسة بشرى عيتاني وسواهما الكثير.

العيتاني فهو لفظ مشتق من العتن أو العاتن، وهو الرجل الشديد البأس القوي ، وعادة فإن العيتاني هو الشخص المسؤول عن إدخال المحكومين إلى السجن، أما الحص جمع حصوص وأحصاص فتأتي بمعنى القطعة الصغيرة من الفاكهة ، وتأتي بمعنى اللؤلؤة.

//-->