محمصاني

الأصل الزعبي القبطاني.. نبغوا في القانون والإقتصاد والتربية

من الأسر الإسلامية البيروتية واللبنانية والعربية، التي تعود بجذورها إلى القبائل العربية التي أسهمت في فتوحات بلاد الشام، لا سيما قبائل الزعبي، وقد انتشرت الأسرة في حوران وعرفت هناك باسم الزعبي، ثم انتقل فرع منها إلى عكار، وفرع آخر إلى طرابلس. ومنذ العهد العثماني انتقلت الأسرة من طرابلس إلى بيروت، وكانت ما تزال تحمل اسم الزعبي القبطاني، غير أن الجد الأول للأسرة تعاطى في بيروت مهنة تحميص البزورات والنقولات فعرف باسم المحمصاني، وقد تكرس هذا الاسم منذ العهد العثماني، وهذا الفرع من أسرة الزعبي القادم من حوران على صلة نسب وقرابة مع فرع المرحوم العلامة الدكتور محمد علي الزعبي وهو من حوران أيضاً.

برز من أسرة المحمصاني في العهد العثماني الشهيد محمود المحمصاني (1884-1915) من مواليد بيروت، كان يتقن اللغات العربية والتركية والفرنسية، عمل موظفاً في مصلحة البرق، قام بدور سياسي بارز في العهد العثماني مع شقيقه الدكتور في الحقوق من جامعات فرنسا محمد المحمصاني (1888-1915) عضو مؤتمر باريس، نادي بالإصلاح السياسي صاحب كتاب «الفكرة الصهيونية». اعتقل وحقق معه في الديوان العرفي في عاليه، وحكم عليه وعلى شقيقه بالإعدام في 21 آب عام 1915. كما برزت شقيقتهما السيدة فاطمة المحمصاني التي قامت عام 1918 برفع العلم العربي الفيصلي على دار الحكومة في بيروت في السراي الكبير. كما برزت السيدة وداد محمصاني التي أرسلت عام 1913 والسيدة عنبرة سليم سلام وشفيقة غريب برقية تأييد إلى قادة المؤتمر العربي الأول المنعقد في باريس في عام 1913.

والجدير بالذكر أن السيدة وداد المحمصاني الدباغ هي كريمة السيد محمد رجب المحمصاني والدة الدكتور صلاح الدباغ، أشقاؤها الدكتور صبحي المحمصاني، والصيدلي محيي الدين، والدكتور عفيف والقاضي منير، فيما شقيقاتها السيدة إحسان محمصاني، والسيدة نجاح والسيدة نعمة. 

كما برز من هذا الفرع من أسرة محمصاني العلامة الدكتور صبحي محمد رجب المحمصاني (1906-1986) من مواليد بيروت المحروسة. تلقى علومه الأولى في كتاتيب بيروت، ثم التحق بإحدى مدارس رأس بيروت التابعة للأميركيين، وهو أحد متخرجي الجامعة الأميركية في بيروت عام 1924، وحاصل على دكتوراه في القانون الخاص والاقتصاد من جامعة ليون في فرنسا عام 1932، ثم حصل على دراسات عليا في الحقوق من جامعة لندن عام 1935. وفي لبنان تولى مناصب قضائية رفيعة سواء في عهد الانتداب الفرنسي أو في عهود الاستقلال. بدأ حياته في السلك القضاء عام 1936، فعيّن قاضياً في صور وفي الشوف وفي محكمة الاستئناف المختلطة الفرنسية – اللبنانية، ورئيس غرفة محكمة الاستئناف والتمييز في بيروت.

والدكتور صبحي المحمصاني للذين لا يعرفون درس الموسيقى وتعلّم كتابة النوتة وقد اختاره رئيس القسم الموسيقي في الإذاعة اللبنانية في بدايات الأربعينيات من القرن المنصرم الفنان محيي الدين سلام ليكون عضواً في لجنة الإستماع والتقييم الغنائي - الموسيقي، كما أنه شارك في مباراة تلحين النشيد الوطني اللبناني، لكن الإنتداب الفرنسي يوم ذاك فضّل اللحن الذي وضعه الفنان اللبناني وديع صبرا.

منذ عام 1947 بات محامياً، ثم أستاذاً محاضراً في الجامعة الأميركية وجامعة القديس يوسف، وفيما بعد في جامعة بيروت العربية ومعهد جامعة الدول العربية والجامعة اللبنانية. في عام 1945 انتدبته الدولة اللبنانية للمشاركة في وضع ميثاق جامعة الدول العربية في القاهرة، وميثاق الأمم المتحدة في سان فرنسيسكو. بالإضافة إلى ذلك، فقد كان الدكتور صبحي المحمصاني عضواً في محكمة التمييز الدولية وعضواً ورئيساً لعدد من لجان التحكيم الدولية وعضواً في المجمع العلمي في دمشق عام 1948. بين أعوام 1964-1968 أصبح نائباً عن بيروت، بعد أن منحه البيارتة ثقتهم لما تميز به من كفاءة واستقامة وعلم وأخلاق حميدة. وفي عام 1966 أصبح وزيراً للاقتصاد الوطني في حكومة الرئيس عبد الله اليافي. ولم يكرر د. صبحي المحمصاني تجربته النيابية والوزارية في لبنان بعد أن آثر العلم على السياسة. استطاع د. صبحي المحمصاني إغناء الحياة العلمية والفقهية والقانونية والقضائية في لبنان والعالم العربي والعالم. من بين مؤلفاته على سبيل المثال لا الحصر:

1- فلسفة التشريع في الإسلام.

2- الأوضاع التشريعية في الإسلام.

3- الدستور والديمقراطية.

4- مقدمة في إحياء علوم الشريعة.

5- الأوزاعي وتعاليمه القانونية والإنسانية.

6- المجتهدون في القضاء.

7- القانون والعلاقات الدولية في الإسلام.

8- النظرية العامة للموجبات والعقود في الشريعة الإسلامية (جزءان).

9- المبادئ الشرعية والقانونية.

10- محاضرات في آثار الالتزام والأوصاف المعدلة لآثار الالتزام وانتقال الالتزام.

11- الدعائم الخلقية للقوانين الشرعية.

12- أركان حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي.

13- المجاهدون في الحق.

14- تراث الخلفاء الراشدين في الفقه والقضاء.

- وله أيضاً كتابان واحد في الفرنسية وآخر في الإنكليزية:

- Les idées économiques d`Ibn Khaldoun, Lyon 1932.

- The principes of International Law in the light of Islamic Doctrine, Recueil of the Hague Academy, Leiden, 1966.

فضلاً عن كثير من المحاضرات والأبحاث والتحقيقات، في مجلات المجامع العلمية العربية، وفي الدوريات العلمية العربية والعالمية.

ويحمل د. صبحي المحمصاني العديد من الأوسمة ودروع التقدير. كما قامت كلية الإمام الأوزاعي للدراسات الإسلامية بتكريمه عام 1983 ومنحه درجة الدكتوراه الفخرية مع أصدقائه: العلامة د. عمر فروخ، والعلامة د. زكي النقاش، والمناضلة الدكتورة زاهية قدورة، بمشاركة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد، والرؤساء: سليم الحص، شفيق الوزان، تقي الدين الصلح ووزراء ونواب وفعاليات.

تأهل من السيدة عصمت كريمة عبيدو الانكيدار ولهما: الدكتور هاني والدكتور غالب، والدكتور مالك والدكتور ماهر.

توفي في 10 أيلول عام 1986 ودفن في جبانة الباشورة. أطلقت بلدية بيروت اسمه على شارع متفرع من شارع ڤردان في المنطقة التي كان يعيش فيها، وذلك تكريماً لعطاءاته وإنجازاته.

كما برز أشقاؤه المرحومون: الصيدلي محيي الدين والدكتور عفيف والقاضي منير المحمصاني رئيس ديوان المحاسبة السابق بمنصب الشرف المتوفى في 24 أيلول 2010 ودفن في جبانة الشهداء. شقيقاته السيدات: المرحومات نجاح المتوفية عام 2012 ووداد وسلوى والمربية إحسان محمصاني المتوفية عام 2005 ونعمة. كما برز نجله المحامي الدكتور غالب محمصاني عضو مجلس أمناء جمعية المقاصد الإسلامية في بيروت، وعضو في عدة جمعيات قانونية واجتماعية، ونجله السيد مالك محمصاني.

وبرز من أسرة المحمصاني أيضاً، السفير يحيى أحمد المحمصاني (غنيم المحمصاني) الذي تبوأ مناصب دبلوماسية في عدة سفارات لبنانية في الخارج، كما أصبح سفيراً وممثلاً لجامعة الدول العربية في الأمم المتحدة. كما برز من الأسرة السيد خُضُر محمصاني ونجله السيد معتصم محمصاني مدير عام بنك البركة في بيروت، وأحد أعلام المال والمصارف في العالم العربي. كما عرف من الأسرة السيد عبد الحفيظ محمصاني. وارتبطت مدرسة مقاصدية مهمة في بيروت هي مدرسة بيت الأطفال وثانوية خالد بن الوليد بأهم مديرة لها هي السيدة إحسان محمصاني المشار إليه والتي أسهمت إسهاماً بارزاً في نهضة المقاصد وتقدمها وتقدم طلابها ومسيرتها العلمية، وهي شقيقة النائب والوزير الأسبق الدكتور صبحي المحمصاني، وكانت أيضاً مديرة مدرسة عائشة أم المؤمنين. وقد تميّزت بإدارتها الرشيدة، وكانت رائدة من رائدات التربية والتعليم في بيروت المحروسة ولبنان.

ويجدر أيضاً التوقف عند السيرة الذاتية للدكتور غالب صبحي محمصاني، لما فيها من ثراء:

النشاطات المهنية الحالية:

- محامٍ بالاستئناف، نقابة المحامين في بيروت.

- مستشار قانوني لعدة مجموعات ومؤسسات لبنانية وعربية في لبنان والخارج.

- محكم دولي، عضو سابق في محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس، وعضو مراسل لمعهد قانون الاعمال الدولية لدى غرفة التجارة الدولية، باريس، وعضو محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي.

- نائب رئيس لجنة بورصة بيروت ورئيسها بالانابة.

- عضو لجنة قانون الانتخاب برئاسة معالي الاستاذ فؤاد بطرس، وعضو لجنة تحديث القوانين لدى وزارة العدل، وعضو لجنة التشريع المالي والمصرفي لدى مصرف لبنان المركزي.

- عضو اللجنة القانونية لدى جمعية مصارف لبنان، وعضو اللجنة الاستشارية لمركز التحكيم لدى غرفة التجارة والصناعة، بيروت.

الخبرة المهنية

- محام ومستشار قانوني منذ عام 1962.

- أستاذ سابق لمادة التحكيم لدبلوم الدراسات العليا في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية، وأستاذ مادة التنظيم المصرفي لديبلوم الدراسات العليا في جامعة القديس يوسف - بيروت.

- خبير قانوني في مختلف ميادين القانون الداخلي والدولي في لبنان والشرق الاوسط ولا سيما: قانون الاعمال، الشركات، العقود الدولية، الاعمال المصرفية وسائر الاعمال التجارية، التمويل، المقاولات وعقود البناء، التحكيم، الملكية الفكرية والشريعة الإسلامية.

ترأس عدة هيئات تحكيمية داخلية (Ad Hoc) ودولية (CCI) أو كان عضواً فيها منذ عام 1976، وذلك في قضايا تحكيمية كبرى بين شركات أجنبية ودول العالم العربي والشرق الأوسط. وشارك في العديد من المؤتمرات التحكيمية.

المؤلفات القانونية الأساسية (باللغة الفرنسية)

1- التنظيم المصرفي في لبنان، 1968.

2- الشركات الاجنبية في لبنان، 1964.

3- العقود بين الشركات المساهمة واعضاء مجلس ادارتها، في «الشرق الاوسط- دراسات قانونية» 1969.

4- السرية في الشركات في القانون اللبناني، اعمال جمعية هنري كابيتان (الايام اللبنانية)، 1974

5- النظام العام في القانون التجاري اللبناني – اعمال جمعية هنري كابيتان (الايام اللبنانية)، 1998.

6- الاقلية في قانون الشركات اللبناني- اعمال جمعية هنري كابيتان (الايام المكسيكية)، 2002.

7- مقالات ودراسات ومحاضرات متنوعة في مواضيع قانونية متعددة.

ومن الأهمية بمكان أن بيروت شهدت أسرة أخرى من آل محمصاني من جذور مصرية لا صلة قرابة بينها وبين فرع د. صبحي المحمصاني، ولا رابط بينها سوى اللقب، وأشهر من برز من هذه الأسرة العلامة الشيخ أحمد بن عمر بن محمد غنيم المحمصاني البيروتي الأزهري (1880-1951)، نجل السيد عمر غنيم المحمصاني صاحب المكتبة الحميدية الشهيرة في بيروت التي كانت ملتقى الأدباء والعلماء في بيروت المحروسة.

تولى الشيخ أحمد بن عمر بن محمد غنيم المحمصاني المساعدة في إدارة مكتبة الأزهر الشريف أثناء متابعته للدراسة. وبعد تخرجه من الأزهر الشريف وعودته إلى بيروت، عُين أستاذاً للمجلة وأصول الفقه في مكتب الحقوق العثماني في بيروت عام 1913، ثم انتخب عضواً في المجمع العلمي اللبناني بين عامي 1928-1930، كما انتخب عضواً في المجمع العلمي اللبناني بين عامي 1928-1930، كما انتخب رئيساً للجنة المخطوطات العربية في المجمع العلمي اللبناني. أصبح عضواً عاملاً لعقود طويلة في جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، ثم رئيساً للجنة المدارس فيها.

كان خطيباً ومدرّساً في الجامع العمري الكبير وجامع السراي (الأمير عساف) في عام 1919 اجتمع في بيروت مع الأمير فيصل بن الشريف حسين بعد عودته من أوروبا، وبحضور مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا، والعلامة الشيخ أحمد عباس الأزهري، والقاضي الشيخ محمد الكستي، والشيخ مصطفى الغلاييني، وعمر بك الداعوق، وسليم علي سلام، وأحمد مختار بيهم، ورضا الصلح وسواهم من الشخصيات البيروتية واللبنانية. ومن بصماته العلمية أنه قام بتدريس القرآن الكريم واللغة العربية لرئيس الجامعة الأميركية الأسبق الدكتور بيار دودج. وله العديد من المؤلفات منها:

1- كتاب خلاصة النحو.

2- رسالة تحذير الجمهور من مفاسد شهادة الزور.

3- شرح أحكام المجلة الشرعية.

4- تفسير الفاتحة.

5- المعلقات السبع.

6- الأنصاف.

7- اللؤلؤ النظيم في روم التعلم والتعليم.

8- جامع بيان العلم وفضله.

9- كتاب حجج القرآن.

10- حقق وضبط العديد من المخطوطات، وله محاضرات غير منشورة، فضلاً عن قصائد شعرية. توفاه الله في بيروت المحروسة يوم الاثنين في 30 تموز عام 1951، وكان هو آخر تلاميذ العلامة الشيخ محمد عبده (كامل الداعوق: علماؤنا، ص 204-206).

وفي التاريخ الحديث والمعاصر برز من فرعي أسرة المحمصاني السادة: أسامه، خضر، زكريا، سمير، شفيق، عامر، عفيف، عمر، ماجد، مالك، محمد، محمود، محيي الدين. كما برز أولاد السيد خضر محمصاني السادة: أحمد خضر، مختار خضر، مروان خضر، مصطفى خضر، معين خضر، وبرز من الأسرة السادة: مواهب، وجيه، وليد، يحيى أحمد، يحيى زكريا، وسواهم الكثير.

ومحمصاني لغة مصطلح أطلقه البيارتة على من يملك محمصة لتحميص البُن والبزورات والنقولات، وما يعرف في بيروت باسم المخلوطة، في حين يستخدم الشوام مصطلح حماصني، ويستخدم أبناء مصر مصطلح حُمصاني.

 

الوزير والنائب العلّامة د. صبحي المحمصاني

//-->