آل الصلح

أسرة الصلح: نسب شريف وأصالة عائلية لبنانية وعربية

وإسهامات سياسية وفكرية وعلمية وإدارية وخيرية

 

من الأسر الإسلامية البيروتية والصيداوية. تعود بجذورها إلى القبائل العربية الأولى التي أسهمت في الفتوحات العربية في مصر وبلاد الشام. وقد قامت الأسرة بدور بارز في العهدين المملوكي والعثماني لا سيما في السياسة والإدارة والاقتصاد، والمناصب العسكرية، مما دعا البعض للظن أن الأسرة من أصل تركي، علماً أنها من قبائل اليمن المعروفة.

الحلقة الأولى من «آل الصلح» أضاءت على نسب العائلة، بداية من أحمد أفندي الصلح الذي أصبح فيما بعد أحمد باشا الصلح، مروراً بنجله رضا بك الصلح، ووصولاً الى حفيده الزعيم رياض بك الصلح..

وفي الحلقة الثانية، تناول كامل سيرة ومسيرة أبرز وجوه آل الصلح، التي شغل أصحابها العديد من المراكز السياسية والفكرية والعلمية والإدارية والخيرية: سامي الصلح، رشيد الصلح، كاظم منح الصلح، ليلى رياض الصلح، منح الصلح، منيرة الصلح وسميح الصلح..

سامي الصلح ‏(1890-1968)‏

ولد سامي الصلح في عكا في 7 أيار عام 1890، نظراً لوجود والده فيها، باعتبارها مدينة تابعة آنذاك لولاية بيروت. عاش بين عكا وصيدا وبيروت واستانبول ومكدونيا ودمشق وأضنه وسالونيك وسواها، وذلك استناداً إلى وظائف والده عبد الرحيم الصلح المتنقل بين تلك المناطق حتى وفاته عام 1905. لذلك، كانت فرصة لسامي الصلح أن ينفتح على ثقافات غربية وشرقية، وعلى لغات عديدة استطاع أن يتقنها.

في عام 1905 عاد سامي الصلح إلى بيروت المحروسة بعد وفاة والده، وتابع دراسته، سرعان ما قصد بريطانيا، ثم استكمل دراسته الجامعية في استانبول، حيث التحق في كلية الحقوق تحقيقاً لتطلعاته بأن يكون قاضياً. وكانت استانبول تئن بالصراعات بين الاتحاديين والائتلافيين بعد خلع السلطان عبد الحميد الثاني عن العرش عام 1909، لا سيما بين كامل باشا وأنور باشا وطلعت باشا وكامل باشا. ونظراً للتطورات العثمانية والعربية والدولية، قرر وابن عمه رياض الصلح الذي كان يتعلم في استانبول أيضاً، العودة إلى بيروت، غير أن سامي الصلح تم تعيينه مستشاراً قضائياً في حلب.

سامي الصلح والانتخابات النيابية عام 1914

في عام 1914 بدأت الاستعدادات للانتخابات النيابية، وبدأ المرشحون عن ولاية بيروت بالاستعداد لخوض المعركة، ومن بينهم سامي الصلح. وكان الشرط للتقدم للانتخابات أن يكون المرشح في سن الثلاثين كما ذكر في مذكراته، فما كان منه وهو في الثالثة والعشرين، إلا أن تقدم من دائرة النفوس بطلب لتغيير سنه ليصبح في سن الثلاثين، فأصبح رسمياً من مواليد عام 1883 علماً أنه عثر على تذكرة هوية له تثبت أنه من مواليد عام 1887. ومهما يكن من أمر، فبعدها التقى بوالي بيروت البكير سامي بك (بكر سامي بك) الذي أيد ترشيحه، كما أن أحمد مختار بيهم وسليم علي سلام طلبا من الوالي تأييده. ونظراً لخلافات حادة مستجدة بين العائلات البيروتية، وإشكالات سياسية ومالية بما فيها قضية أراضي الحولة، فقد بدّل الوالي رأيه ودعم ترشيح سليم علي سلام، ميشال إبراهيم سرسق، وكامل الأسعد، وقد فازوا في 9 نيسان 1914 ضد المرشحين: سامي الصلح، جان نقاش، طه المدور.

سامي الصلح مستشاراً وقاضياً

في عام 1918 انتهت الحرب العالمية الأولى، وهزمت الدولة العثمانية، واحتلت البلاد العربية من قبل بريطانيا وفرنسا، فأقام سامي الصلح ثلاثة شهور في القاهرة للاطلاع على السياسة المصرية والبريطانية، ثم عاد إلى دمشق والتقى بالأمير فيصل بن الشريف حسين. وبعد عودته إلى بيروت نهائياً عام 1920، وقبل الانخراط بقوة في السياسة، فقد تأهل من شقيقة ابن عمه رياض الصلح السيدة بلقيس رضا الصلح (طليقة رجل من آل غندور) وأنجب منها عبد الرحمن (السفير فيما بعد) والسيدة مي (حرم السيد أنيس ياسين). وفي بيروت تولى سامي الصلح منصب مستشار في محكمة التمييز، وكان طيلة حياته القضائية مؤمناً بالقانون والعدالة الألهية، وأحياناً كثيرة أصدر أحكاماً ببراءة متهمين لعدم قناعته باقترافهم ذنب ما. وبالرغم من تباين الآراء بينه وبين السلطات الفرنسية، غير أنها لم تستطع التخلي عنه، فقامت بتعيينه قاضياً في محكمة الجنايات، ثم عُين عام 1925 مفتشاً عاماً للقضاء، ثم عُين في منصب مدعي عام التمييز عام 1936، ورئيساً أول لمحكمتي الاستئناف والتمييز. وكانت ممارساته القضائية وسمعته واستقامته سبباً رئيساً في تزايد شعبيته البيروتية واللبنانية.

سامي الصلح نائباً ورئيساً للوزراء

في تموز من عام 1942، تم اختيار سامي بك الصلح رئيساً لمجلس الوزراء في عهد الرئيس ألفرد نقاش، وقد عرفت حكومته باسم «حكومة الرغيف»، واستطاع في فترة قصيرة القضاء على الاحتكار والمحتكرين، كما استطاع تأمين «الأعاشة» للفقراء، لهذا، لقب «بأبي الفقراء»، علماً أن فترة توليه رئاسة الحكومة كانت من أصعب الفترات بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية (1939-1945).

ونتيجة لنجاحه في مهام رئاسة الوزراء، فقد خاض غمار الانتخابات في 29 آب عام 1943 (مجلس الـ 55 نائباً) على رأس لائحة بيروتية، فازنصفها والنصف من اللائحة الأخرى. اما الفائزون فهم السادة: سامي الصلح، عبد الله اليافي، صائب سلام، ألفرد نقاش، حبيب أبو شهلا، محمد بيضون، أيوب تابت، موسيس دركالوسيان، هراتشا شامليان.

وما هي إلا سنوات قليلة حتى عاد سامي الصلح إلى رئاسة الوزراء في 22 أب 1945 واستمر فيها حتى 23 أيار عام 1946 متعاوناً مع رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري، وقد عرفت هذه الوزارة باسم وزارة الاستقلال الثالثة، لأنها قامت باستكمال مقومات الاستقلال، ورفع العلم الوطني، وتنظيم الجيش اللبناني بقيادة اللواء فؤاد شهاب، ومن ثم جلاء القوات الأجنبية، ولا يمكن أن ننسى دوره، ومن قبل دور رياض الصلح في تأسيس جامعة الدول العربية وتأسيس هيئة الأمم المتحدة عام 1945 بانتداب علماء وفقهاء قانون بارزين للإسهام في هذا التأسيس يأتي في مقدمتهم العلامة الدكتور صبحي المحمصاني. كما لا يمكن أن ننسى دوره الداعم لقضية فلسطين طيلة سنوات، وتسلم المصالح المشتركة، وتطور مشاريع التربية والتعليم، والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية والمائية، والاهتمام بالمناطق اللبنانية، وقضايا العمال، كما أسهم سامي الصلح خلال مسؤولياته الحكومية في الإسهام في ضبط الأوقاف الإسلامية الضائعة، وفي تنظيم منح الجنسية اللبنانية. ومن يطلع على مواقف سامي الصلح وخطبه بين أعوام 1920-1968 يدرك أهمية آرائه ومواقفه من هذه القضية.

في شباط عام 1952 عاد سامي الصلح رئيساً للوزراء في عهد الرئيس بشاره الخوري والتي استمرت إلى 9 أيلول عام 1952، وهي الوزارة التي قضت على العهد. ومما ساعد على استقالة بشاره الخوري الثورة البيضاء التي قامت بها المعارضة عام 1952، وفساد شقيق الرئيس المعروف باسم «السلطان سليم الخوري» سبق ذلك استشهاد الرئيس رياض الصلح في عمان في تموز عام 1951، كما أن ثورة 23 يوليه (تموز) عام 1952 في مصر بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر، ألهبت حماس الجماهير اللبنانية ضد الفساد والفاسدين. وقد أكد الرئيس بشاره الخوري في مذكراته أثر ثورة مصر على الثورة البيضاء في لبنان.

سامي الصلح رئيساً للحكومة في عهد الرئيس كميل شمعون

إن استقالة سامي الصلح من رئاسة الحكومة لا يعني مطلقاً استقالته من السياسة والحكم والنيابة، بل ظل نائباً عن بيروت، يقوم بأعباء النيابة لا سيما الخدمة العامة، ومساعدة المعوزين وأصحاب الحاجة، وتفريج هموم الناس، غير أن السياسيين في لبنان لا سيما الرؤساء يدركون أهمية تعاونهم مع سامي الصلح، لهذا، فإن الرئيس كميل شمعون رأى ضرورة الاستعانة به، وتكليفه رئاسة الوزراء في 16 أيلول 1954 واستمر في رئاستها إلى 9 تموز 1955. وقد عرفت هذه الحكومة باسم «رأس السمكة» استناداً إلى المثل الشائع «رأس سمكة خير من ألف ضفدعة» واعتماداً على أهمية بدء الإصلاح من فوق لا من تحت.

هذا، وقد تولى سامي الصلح رئاسة الحكومة مجدداً في تموز من عام 1955، جاء من بعده الرئيس عبد الله اليافي في آذار عام 1956، ثم كلف عبد الله اليافي ثانيةً في حزيران عام 1956، وقد استمرت حكومة اليافي، وكان من ضمنها صائب بك سلام وزيراً إلى تشرين الثاني عام 1956.

إرهاصات وأسباب ثورة عام 1958

اضطر الرئيس كميل شمعون للتعاون مجدداً مع الرئيس سامي الصلح، فأوكلت إليه مهمة تأليف الحكومة في أجواء لبنانية وعربية ودولية على غاية من الخطورة والتعقيد، ولا يمكن لأحد أن يقبل بمثل هذه المهمة الكأداء. وبالرغم من ذلك، فقد قام بتأليف حكومته في 18 تشرين الثاني 1956، والتي استمرت إلى 18 آب 1957، ولوحظ أنه لأول مرة عُين قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب وزيراً للدفاع الوطني، وذلك لمواجهة عدد احتمالات أمنية، غير أنه استقال في 3 كانون الثاني 1957. وما هي إِلا شهور حتى استقالت الحكومة، وتألفت حكومة أخرى برئاسته في 18 آب 1957، وقد استمرت حتى 14 آذار عام 1958، وتم اختيار المحامي جميل مكاوي (عن السنة) وزيراً للمالية.

والأمر الملاحظ، أن الوزيرين جميل مكاوي وخليل الهبري هما من سكان الطريق الجديدة (شارع حمد) وهو الشارع الذي شهد اصطدامات بين الدرك والمعارضة وإحراق سيارة الهبري ومقتل خمسة وجرح خمسين من المتظاهرين، كما شهدت منطقة مستشفى المقاصد الاعتداء على الرئيس صائب سلام، وذلك كله في 30 أيار 1957.

وفي 14 آذار عام 1958 تألفت حكومة جديدة برئاسة سامي الصلح، واستمرت حتى 22 أيلول  1958، واختير خليل توفيق الهبري (عن السنة) وزيراً للأشغال العامة. وقد واجهت هذه الحكومة الاستثنائية أوضاعاً استثنائية قل مصيرها في تاريخ لبنان الحديث.

كانت بيروت مرتبطة إلى حد كبير بأسماء سياسية أمثال الرئيس عبد الله اليافي والرئيس صائب سلام، وأسماء لامعة أخرى في مختلف المناطق اللبنانية، فإذا بهذه الأسماء تغيب عن التمثيل الشعبي في الانتخابات النيابية في حزيران عام 1957. وفي المجلس النيابي الجديد (مجلس الـ 66) مثل بيروت السادة: سامي الصلح، خليل الهبري، جميل مكاوي، فوزي الحص، بيار إده، نسيم مجدلاني، رشيد بيضون، جوزيف شادر، شفيق ناصيف، خاتشيك بابكيان، موسيس دركالوسيان. وبدون أدنى شك، فإن تزوير نتائج انتخابات عام 1957 والعوامل المشار إليها سابقاً أثرت تأثيراً مباشراً على أوضاع لبنان، وعلى اندلاع ثورة عام 1958، وقد قال الرئيس صائب سلام في أوساطه آنذاك: «إن سامي الصلح بموافقته لكميل شمعون بإسقاطي في الانتخابات، يريد أن ينتقم مني ومن والدي سليم علي سلام المتهم مع والي بيروت بإسقاطه في انتخابات عام 1914...».

ومن الأهمية بمكان القول، بأن الثورة اللبنانية التي أطلقتها المعارضة في أيار من عام 1958 هي ذات أبعاد لبنانية وعربية ودولية (تماماً كالحرب اللبنانية 1975-1990) غير أن السبب المباشر الذي أشعلها، إنما تمثل في اغتيال الصحافي نسيب المتني صاحب صحيفة «التلغراف» ليل 8 أيار 1958، سبقه اغتيال الصحافي غندور كرم على يد أحد السوريين. وكان ذلك بداية للإضراب العام من قبل المعارضة، سرعان ما انتشر السلاح بين أيدي المعارضة في بيروت برئاسة الرئيس صائب سلام وقائد المعارضة الشعبية رشيد شهاب الدين، وترأس المعارضة في المناطق رشيد كرامي وكمال جنبلاط ومعروف سعد وصبري حمادة وأحمد الأسعد وشبلي العريان... كما وصلت من سوريا مجموعات عسكرية داعمة للثورة، منها مجموعات سلطان باشا الأطرش، وبعض أجهزة المخابرات السورية، فضلاً عن مجموعات فلسطينية داعمة للثورة، يأتي في مقدمتها الفلسطينيون المقيمون في مخيمات صبرا وشاتيلا والداعوق وبرج البراجنة ومخيمات المناطق اللبنانية. لهذا قدمت الحكومة اللبنانية شكوى لجامعة الدول العربية، ومن ثم للأمم المتحدة في أواخر أيار 1958 لمواجهة التدخلات في لبنان. سبق ذلك لا سيما في 11 أيار 1958 إلقاء القبض على قنصل بلجيكا العام في دمشق، وهو ينقل بسيارته كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة إلى المعارضة اللبنانية، وقد اعتقلته السلطات اللبنانية عند الحدود السورية – اللبنانية، ما كان له أثر سيء على العلاقات الثنائية. وبرز من القيادات العسكرية والسياسية آنذاك: الزعيم شوكت شقير، عدنان الحكيم، عباس خلف، عبد المجيد الرافعي، نواف كرامي، خالد جنبلاط، إبراهيم قليلات (أبو شاكر)، د. بشارة الدهان، علي العود مختار رأس بيروت، محمود الدنا، محمود عياش، وقيادات عديدة في منطقة الطريق الجديدة، والبسطتين، والمصيطبة، وبرج أبي حيدر، والزيدانية، ورأس بيروت، ورأس النبع، والبقاع، وعكار، والجنوب وسواها، معتذراً عن عدم ذكر جميع أسماء تلك القيادات.

لقد تسارعت الأحداث بشكل منقطع النظير، حيث دارت معارك عديدة بين الأجهزة الأمنية والمعارضة، وقد وقف حزب الكتائب والحزب القومي السوري الاجتماعي وسواهما إلى جانب النظام اللبناني ضد أحزاب المعارضة، مما أدى إلى مزيد من القتلى والجرحى والتدمير في بيروت والمناطق اللبنانية، وأحرق ونهب قصر الرئيس سامي الصلح في برج أبي حيدر في 14 حزيران 1958، وڤيلا الوزير خليل الهبري في شارع حمد في الطريق الجديدة، وهجر كل منهما خارج منطقته، كما جرت محاولات اغتيال الرئيس سامي الصلح لا سيما في 29 تموز 1958 في منطقة المكلس، ومن بعدها محاولة اغتياله في آب، وواحدة في أيلول 1958، في حين أن الرئيس كميل شمعون استمر مقيماً في القصر الرئاسي في القنطاري، وهو آخر رئيس للجمهورية يقيم في هذا القصر. وجرت محاولات لاغتياله من قبل المعارضة والثوار، غير أن القيادة السياسية ممثلة بالرئيس صائب سلام رفضت هذا الأسلوب. ومما قام به سامي الصلح رفع دعوى على السادة: صائب سلام، هنري فرعون، عبد الله اليافي، نسيم مجدلاني، وشخص سوري يدعى محمد البساتنة بتهمة نسف قصره. هذا، وقد أقفلت المساجد في بيروت في وجه سامي الصلح، ووجهت إليه انتقادات لاذعة في صحف وإذاعات المعارضة لا سيما إذاعة «مشعل» وإذاعة «صوت العروبة».

اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية

لقد تمت التسوية اللبنانية – العربية – الدولية، بانتخاب اللواء قائد الجيش فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية، وذلك في 31 تموز من عام 1958، على أن يبقى الرئيس كميل شمعون إلى نهاية مدته الرئاسية الدستورية أي إلى 23 أيلول 1958، وقد أدى ذلك إلى تهدئة الأمور، لا سيما عندما أرسل الرئيس جمال عبد الناصر برقية تهنئة إلى الرئيس المنتخب فؤاد شهاب، كما استمرت حكومة الرئيس سامي الصلح في الحكم إلى 19 أيلول 1958 حيث قدمت استقالتها للرئيس كميل شمعون، ولم تنتظر حتى 23 أيلول لتقديمها للرئيس المنتخب، فما كان من الرئيس شمعون إلا أن أصدر مرسوماً عين بموجبه خليل الهبري رئيساً لمجلس الوزراء.

في فجر السبت في 20 أيلول 1958 غادر سامي بك الصلح مطار بيروت إلى تركيا حيث أقام في مناطق ومدن  تعرف عليها قبل عام 1920، منها أضنه واستانبول، وكانت فرصة لزيارة قبر والدته المدفونة  في استانبول عام 1910. ومن بعدها زار روما وبروكسل وباريس وسواها، وقد استمر في أوروبا إلى عام 1959.

عودة سامي الصلح مجدداً إلى النيابة 1964-1968

إن الظاهرة اللافتة للنظر، أن مراسلات تمت بينه وبين الرئيس عبد الناصر بعد عام 1960، وكان من المقرر القيام بزيارة للقاهرة، فأتت التمنيات من القاهرة بعدم إحراج عبد الناصر أمام أقطاب المعارضة اللبنانية، غير أن سامي الصلح – الظاهرة السياسية – الذي ابتعد عن المجلس النيابي في دورة عام (1960-1964)، نتيجة ذيول ثورة 1958 وحلّ مكانه رئيس حزب النجادة عدنان الحكيم، فإذا بالبيارتة ينتخبونه مجدداً نائباً عنهم في دوره (1964-1968) وكان ذلك بمثابة إعادة اعتبار له، ووفاءً وتقديراً على خدماته طيلة خمسين سنة على الأقل، كما أصبح رئيساً للسن في المجلس النيابي، فضلاً عن هذا وذاك، فقد أطلق على شارع في بدارو اسم «جادة سامي الصلح»، كما أقيم له نصب تذكاري في الشارع نفسه. سامي الصلح الظاهرة توفاه الله في 6 تشرين الثاني عام 1968 تاركاً بعض المؤلفات والمذكرات، وكريمته السيدة مي، وسعادة السفير عبد الرحمن الصلح وأحفاد منهم رياض الصلح وسامي الصلح.

تقي الدين منح الصلح (1907-1988)

من صيدا ومواليد بيروت سنة 1907. تلقى دروسه الابتدائية في مدرسة الشيخ أحمد عباس الأزهري، والثانوية في العلمانية الفرنسية. والجامعية في معهد الآداب الشرقية، حيث حصل على إجازة في الأدب العربي.

عمل في مطلع شبابه مدرساً في البعثة العلمانية الفرنسية في لبنان، ومديراً للدعاية والنشر (المطبوعات) لدى الحكومة اللبنانية قبل إنشاء وزارة الأنباء. فمستشاراً للسفارة اللبنانية في القاهرة، وقائماً بالأعمال فيها، ثم مستشاراً لدى جامعة الدول العربية عند تأسيسها عام 1945.

انتخب نائباً عن قضاء زحلة، في دورة سنة 1957. ثم نائباً عن قضائي بعلبك – الهرمل في دورة سنة 1964. وشارك في أعمال اللجان النيابية، فكان رئيساً للجنة التربية الوطنية والفنون الجميلة، ومقرراً للجنة الدفاع الوطني، ورئيساً للجنة الشؤون الخارجية.

عيّن وزيراً للداخلية، في تشرين الثاني سنة 1964، في حكومة الرئيس حسين العويني.

عينّ رئيساً لمجلس الوزراء، ووزيراً للمالية، في تموز سنة 1973، (حكومة كل لبنان) في عهد الرئيس سليمان فرنجية. كلف بتأليف الحكومة عام 1980، وتوقف بعد 18 يوماً عن التكليف.

يعد تقي الدين الصلح من مؤسسي حزب النداء القومي عام 1945، ورئيسه لعام 1955. وكان قد شارك مع أخوته عادل وكاظم وعماد سنة 1931 في تأسيس صحيفة «النداء».

اضطلع بدور بارز في معركة الاستقلال سنة 1943، وقام بدور مهم في التحرك الشعبي عند اعتقال رجال الاستقلال. أطلق مبدأ كل الوظائف لكل الطوائف، وأعاد أكثر من ثلاثماية مدرس إلى الخدمة كانوا قد صرفوا قبل تشكيله للحكومة عام 1973.

انتخب نقيباً للمعلمين في أول نقابة سنة 1938، ثم نقيباً للصحافة سنة 1946، وشارك في تأسيس جمعية أهل القلم، وجمعية المجلس الوطني لإنماء السياحة سنة 1962 و»التجمع الإسلامي» و»اللقاء الإسلامي». تميز بطربوشه المميز الذي كان عام 1988 آخر الطرابيش.

له كتاب في السياسة والحكم، صدر عن دار العودة، وكتاب «ولادة استقلال لبنان» ألفه مع خليل تقي الدين وطبع في مصر. وقد هددت فرنسا بالتوقف عن مفاوضات الاستقلال إذا لم يحرق هذا الكتاب. تأهل من السيدة فدوى ملك عبد القادر البرازي. توفي في 27 تشرين الثاني سنة 1988. وكانت جنازته التي شهدت حشداً كبيراً باتجاه جبانة الشهداء، تحدياً لجميع الذين عزلوه وأبعدوه إلى فرنسا، لا سيما القادة السوريين في فترة الوصاية السورية في لبنان (للمزيد من التفاصيل أنظر: المعجم النيابي اللبناني، ص 310-311، والمعجم الوزاري اللبناني، ومعجم حكام لبنان والرؤساء، أنظر أيضاً كتاب المحامي عمر زين: تقي الدين الصلح، سيرة حياة وكفاح (مجلدان) شركة المطبوعات للتوزيع والنشر – بيروت 2007).

رشيد محمد أنيس الصلح (1925-     )

ولد في بيروت سنة 1925، وتلقى علومه الابتدائية في مدرسة الفرير، والثانوية في مدارس المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت. درس الحقوق في المعهد اليسوعي وتخرج منه سنة 1944.

بدأ حياته العملية مساعداً قضائياً في بيروت. ثم عين قاضياً في بعبدا وبيروت، وظل حتى سنة 1960، فشغل منصب معاون النائب العام، وحاكم صلح، ورئيس مجلس عمل تحكيمي، ثم عضواً في المحكمة العسكرية.

انتخب نائباً عن بيروت الدائرة الثالثة في دورة سنة 1964. وفي دورة سنة 1972، عن الدائرة الثانية وظل نائباً بحكم قوانين التمديد للمجلس النيابي حتى سنة 1992. انتخب نائباً عن دائرة بيروت في دورة سنة 1992 عندما كان رئيساً لحكومة الانتخابات، وشارك في عضوية لجان الإدارة والعدل، والمالية، والخارجية.

عيّن:

- رئيساً لمجلس الوزراء، ووزيراً للداخلية في تشرين الأول سنة 1974.

- رئيساً لمجلس الوزراء، في أيار سنة 1992.

كانت له نشاطات سياسية بارزة أثناء توليه رئاسة الحكومة، وخصوصاً في موضوع أمن طرابلس. حارب اتفاق 17 أيار سنة 1983 وعمل على وحدة لبنان وتحريره من الانقسامات الطائفية والسياسية، وعرف بعدائه للعدو الإسرائيلي، وسعيه الحثيث لتقريب المواقف بين لبنان وسوريا والدول العربية.

كان عضواً في التكتل النيابي المستقل، وفي اللقاء الإسلامي الذي ضم الرؤساء والوزراء والنواب السابقين والحاليين من الطائفية السنية، وكان يرأسه سماحة المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد.

متأهل من السيدة عائدة حسن شاتيلا، ولهما: ابنة وحيدة هي منى. (أنظر: المعجم النيابي اللبناني، ص 311-312، أنظر أيضاً: المعجم الوزاري اللبناني، ومعجم حكام لبنان والرؤساء).

كاظم منح الصلح (1905-1976)

من صيدا، ومواليد بيروت سنة 1905. تلقى علومه في مدرسة الشيخ أحمد عباس الأزهري. ثم انتقل إلى اليسوعية فالكلية العامة. تابع دراسته العالية في سوريا، فحصل على إجازة الحقوق من جامعتها.

قام بدور مهم في مؤتمر الساحل والأقضية الأربعة الذي عقد سنة 1936 في منزل سليم علي سلام، وفي فترة الاستقلال اللبناني سنة 1943. دخل السلك الخارجي، فعين وزيراً مفوضاً، ثم سفيراً للبنان في العراق ما بين سنتي 1947 و1959. وكان مؤمناً بالوحدة العربية، ولكن ليس رغم إرادة المسيحيين. انتخب نائباً عن قضاء زحلة في دورة سنة 1960، وكان عضواً في لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية وترأسها لمدة سنة.

أسهم في تطوير الفكر القومي العربي خاصة بين سنتي 1935 و1960، وأصدر بالتعاون مع أشقائه، تقي الدين وعادل وعماد، جريدة النداء التي تحولت إلى منبر للحركة الاستقلالية في المشرق العربي. وتميز هذا الفرع بما فيه المفكر منح الصلح بعمق الفكرة العربية والقومية والوحدوية، والتوفيق بينها وبين الفكرة اللبنانية.

عرف بمواقفه المناهضة للاستعمار والصهيونية، ودعوته إلى الوحدة العربية والتضامن العربي، مع التأكيد على سيادة لبنان وحرية اللبنانيين وحقهم في نظام الحكم في بلدهم، وصوغ علاقاتهم مع الدول العربية الشقيقة. وكان عضواً فاعلاً في حركة القوميين العرب، وحزب النداء القومي. وضع كتاب «مشكلة الانفصال والاتصال» عام 1936 الذي اعتبر أساساً للميثاق الوطني اللبناني.

تأهل من السيدة يسر كامل الصلح ولهما: خلدون وهنا ونوال ورغيد. توفي في 24 كانون الأول سنة 1976. (المعجم النيابي اللبناني، ص 316).

ليلى الصلح (1947-    )

هي كريمة رئيس وزراء لبنان رياض الصلح. وُلِدت في بيروت في 25 أيلول سنة 1947. تلقت دروسها الابتدائية والمتوسطة في مدرسة الليسه الفرنسية للبنات، والثانوية في كوليج البروتستانت الفرنسية، دخلت الجامعة اليسوعية وأتمت فيها دراسات شرقية.

عملت فترة في المجلس الوطني للسياحة، ثم انصرفت لتولي نيابة رئاسة مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية.

- عُيّنت وزيرة للصناعة، في تشرين الأول سنة 2004، في حكومة الرئيس عمر كرامي.

برزت السيدة ليلى الصلح من خلال إدارتها لمؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية، ولها في مجال الخدمات التربوية والصحية والاجتماعية.

أسهمت في إعادة إِعمار العديد من المؤسسات والمناطق المدمرة، أبرزها إعادة إعمار المنطقة الصناعية في سد البوشرية، بعد الانفجار الذي وقع فيها سنة 2005.

تتسم شخصيتها بالهدوء والرزانة والنشاط في ميدان الخدمات الإنسانية، وترفعها عن الحزبية والمناطقية والطائفية والمذهبية.

منحها قداسة بابا روما «ميدالية البابوية» في 13 آذار سنة 2008. كما منحها بطريرك الروم الملكيين وسام صليب القدس الرفيع تكريماً لنشاطها، ولعطاءات مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية. ومنحها الرئيس الفرنسي ساركوزي عام 2011 أعلى وسام فرنسي وسط احتفال مهيب في الأليزية 17/12/2011. متأهلة من الوزير السابق المرحوم ماجد صبري حمادة ولهما: هيا وصبري ومها.

منح الصلح (1928-    )

برز من أسرة آل الصلح المفكر السياسي القومي العربي الأستاذ منح الصلح (مواليد بيروت 1928)، له مؤلفات ومقالات سياسية ونهضوية على غاية من الأهمية، وقد نال شهادات ودروع تكريم كثيرة بما فيها وسام تكريم من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وذلك في عام 2011. درس في مدرسة السيدة أمينة الخوري المقدسي وهي مدرسة إنجيلية خاصة في رأس بيروت. كما تابع دراسته في مدرسة المقاصد بناءً على إصرار جده لأمه التركي، وذلك لضرورة اتقانه اللغة العربية. كما تابع دراسته الجامعية في الجامعة الأميركية في بيروت ونال منها درجة البكالوريوس.

ويعتبر منح الصلح من المفكرين القلائل الذين أثروا الحياة الفكرية والسياسية في لبنان والعالم العربي بأسلوبٍ واعٍ وراقٍ وبشكل موضوعي وعلمي.

السيدة منيرة الصلح (1911-2010)

كما برز من الأسرة السيدة منيرة ممدوح الصلح (1911-2010) زوجة الشهيد المرحوم وحيد نسيب الصلح، وهي إحدى رائدات العمل الاجتماعي في لبنان، لا سيما بعد أن أسست مؤسسة لمساعدة المعوقين في منطقة برمانا عام 1959. باعتبارها أيضاً أماً لابنها المعوق، والمشار إليها هي عميدة متخرجي «الجونيور كوليدج» (حالياً الجامعة اللبنانية الأميركية) والتي تخرجت منها عام 1933.

السيدة منيرة الصلح، رائدة العمل الخيري، وقد برزت السيدة منيرة في الميادين السياسية باعتبارها ناشطة في الحركة النسائية اللبنانية وذلك منذ اشتراكها في مناهضة الاحتلال الفرنسي للبنان. وتتميز السيدة منيرة بأنها أول سيدة لبنانية وعربية تترشح للانتخابات النيابية في بيروت في دورات أعوام 1960-1964-1968.

ونظراً لجهودها وإسهاماتها البارزة فقط منحت عدة أوسمة منها: وسام الاستحقاق الصحي عام 1974، ووسام الاستحقاق المذهب عام 1995، ووسام الأرز الوطني من رتبة فارس عام 2000، كما نالت وسام جائزة روز فيتزجيرالد كينيدي العالمية لأفضل أم معوق في العالم (2000-2005).

توفيت المرحومة منيرة الصلح في أواخر تشرين الثاني من عام 2010 (اللواء 29/11/2010).

سميح الصلح (1935-2012)

كما برز من الدوحة الصلحية الأستاذ سميح الصلح (1935-2012) أحد أبرز رجال الإدارة اللبنانية في القرن العشرين، من مواليد صيدا تعلم في مدارسها، وتخرج من كلية مقاصد صيدا عام 1947، ثم تابع دراسته في مصر فنال من جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة) إجازة من كلية الحقوق عام 1953. وكان سميح الصلح خلال دراسته في مصر ناشطاً من أجل القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين، وكان عضواً بارزاً في رابطة الطلاب اللبنانيين برئاسة الدكتورة زاهية قدورة.

شغل سميح الصلح ولسنوات طويلة وظائف مهمة في الدولة اللبنانية، منها على سبيل المثال:

1- أمين عام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب اللبناني برئاسة فيليب تقلا.

2- قائم مقام في عدة أقضية ومنها قضاء الشوف.

3- مستشار رئيس مجلس الوزراء طيلة أربع سنوات متواصلة.

4- عضو دائم في مؤتمرات وزراء الداخلية العرب، وفي وفود رسمية عديدة.

5- مدير عام وزارة الداخلية ومحافظ جبل لبنان.

في عام 1991 أحيل إلى التقاعد، وأنهى خدماته الإدارية بعد أن كان مديراً عاماً لوزارة الداخلية. وبعد التقاعد تفرغ للعمل الثقافي والوطني فأنشأ في منزله «صالون سميح الصلح السياسي» استقبل خلال سنوات في هذا الصالون الكثير من السياسيين والعلماء والأدباء والمثقفين. كما كتب عدة مقالات ودراسات وكتب على غاية من الأهمية، نذكر منها على سبيل المثال:

1- خمسون عاماً بين الإدارة والسياسة.

2- صالون سميح الصلح السياسي.

3- آراء ودراسات للأستاذ سميح الصلح.

هذا، وتعتبر هذه المؤلفات بما فيه المقالات الصحفية والمقابلات الإذاعية والتلفزيونية تراثاً فكرياً وسياسياً وإدارياً لأحد رموز الإدارة اللبنانية ولأحد أفراد أسرة الصلح الكريمة التي أعطت بيروت وصيدا ولبنان والوطن العربي الكثير من التضحيات والأعمال الخالدة. توفي في بيروت في عام 2012.

 في تموز 1942 تم اختيار سامي الصلح رئيساً للوزراء بعهد الرئيس ألفرد نقاش وعرفت حكومته بـ«حكومة الرغيف»

في تشرين الثاني 1973، شكل تقي الدين الصلح أول حكومة له في  عهد الرئيس سليمان فرنجية وحملت عنوان «حكومة كل لبنان»

 

//-->