آل قرقوطي (كركوتي)

قليلو العدد بسبب التجنيد العثماني والهجرة وتزايد مواليدهم من الإناث

من الأسر الإسلامية البيروتية واللبنانية والعربية، تعود بجذورها إلى القبائل العربية التي أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام والمغرب العربي. وقامت بدور ديني وسياسي واجتماعي مهم في الولايات العربية لا سيما في ولاية بيروت المحروسة.

وأشارت سجلات المحكمة الشرعية في بيروت في القرن التاسع عشر لا سيما السجل (1259هـ) إلى سكن آل القرقوطي في باطن بيروت بالقرب من زاروب شيخ الإسلام (وراء مبنى بلدية بيروت اليوم). كما أورد السجل نفسه اسم أحد أجداد آل القرقوطي السيد عبد الرحمن القرقوطي. كما أشار السجل نفسه إلى أحد منازل آل القرقوطي بالقرب من جامع السراي (جامع الأمير عساف).

عرف من الأسرة في التاريخ الحديث والمعاصر الأستاذة الجامعية الدكتورة حنان إبراهيم قرقوطي والسادة: إياد، جمال، رستم، عبد الحفيظ، عبد الرحمن، كمال، كمال عبد القادر، وسواهم. وما تزال أسرة القرقوطي بالرغم من قدمها في بيروت قليلة العدد، يعود ذلك إلى:

1- إنجاب البنات أكثر من الذكور.

2- أخذ الشباب الذكور إلى الجندية في العهد العثماني.

3- الهجرة في العصر الحديث إلى الخارج.

وأقدم وثيقة مسجلة ورد فيها اسم «بني القرقوطي» تعود إلى أواسط العهد العثماني وتحديداً إلى سنة 1090هـ. في عملية بيع وشراء تمت على يد «أحمد القاضي بمدينة بيروت وعكة»، ومطلع الوثيقة: «هذه حجة صحيحة شرعية يعرف مضمونها... وقدرها ثلاثة قراريط وثلث قيراط من جميع الدار والمنزول الكائنين بمحلة بني الدهان شركة المشترين ببقية سهام ذلك، ويحد ذلك قِبلة ملك بني القرقوطي وشرقاً ملك بني الدهان وشمالاً بيوت نصارى وغرباً الطريق... بموجبه حكماً صحيحاً شرعياً تحريراً في غرة ذي الحجة سنة تسعين وألف وشهود الحال فخر المقدسين مولانا الشيخ زين الدين المفتي، أيد بمولانا الشيخ علي الحافظ...».

وكان لهذه العائلة أملاك في باطن بيروت، ومن ذلك ما دل عليه عملية بيع عقار قرب زاروب شيخ الإسلام يعود تاريخها إلى عام 1259هـ. ومما جاء في الوثيقة: «... والحقوق الظاهرة والمنافع الشرعية الكاينة من داخل الدار المعروفة ببني ثمين والقرقوطي الواقعة من داخل زاروب شيخ الإسلام الشهير باطن المدينة المزبورة... فكمل لهذا بهذا الشراء ستة قراريط وخمس القيراط وشركة شقيقتي البايع بالباقي من الأماكن وشركتها وشركة السيد عبد الرحمن القرقوطي ببقية سهام الدار والمطبخ والمرتفق تتمة السهام بيعاً واشتراءً صحيحين...». (وثيقة رقم 29، عملية بيع عقار عبد اللطيف ثمين إلى شقيقته زوجة أحمد عثمان الفاخوري في باطن مدينة بيروت قرب زاروب شيخ الإسلام في 11 ربيع الأول 1259هـ/ د. حسان حلاق، التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لمدينة بيروت المحروسة، ص 121-122).

ومن تاريخ هذه العائلة أنها تولت برج لحراسة مدينة بيروت في هضبة الأشرفية التي تشرف مباشرة على البحر لحراسة السواحل من الأعداء، وكان هذا البرج من أملاك العائلة، وقد عرف باسم برج القرقوطي، ويقع في حي السراسقة وخلف كنيسة مار نقولا في الأشرفية، ويقع بالقرب منه منزل موسى سرسق، ومنزل خنيصر ومنزل الشملاني. ويبعد البرج حوالى مئة وخمسين متراً خلف كنيسة مار نقولا الحالية لجهة البحر، وقد هدم البرج عام 1373هـ/1953م، وبنيت مكانه السفارة النمساوية في حينه، ثم هدمت عام 1956م. وبني مكانها في العام 1989م بناية برج معوض. وبقي من آثار البرج بئر الماء المحفور في الصخر وقسمه العلوي بني بالأحجار الرملية قرابة متر ونصف حتى سنة 1988م.

وكان البرج يتألف من طبقتين شأن بقية الأبراج، الطبقة السفلى للدواب والعلف، والطبقة العليا للسكن والحراسة. وبناء البرج كان من الحجر الرملي القديم المعروف في أبنية بيروت القديمة والسقف عقد قناطر. (أنظر: د. حنان قرقوطي: بيروت ودورها الجهادي منذ الفتح الإسلامي حتى نهاية العهد العثماني، ص 224).

هذا، وقد سمي الشارع قرب برج القرقوطي بشارع القرقوطي، وكان مكتوباً على بلاطة من الرخام، وظلت البلاطة الرخامية موجودة حتى بداية الحرب اللبنانية عام 1975م. وآخر من سكن البرج الحاج إبراهيم القرقوطي الذي توفي ساجداً في صلاة العصر في الجامع العمري الكبير في بيروت في أواخر القرن التاسع عشر ودفن في جبانة الباشورة.

وبعد وفاته باعت البرج أرملته التي رزفت أربعة من الأبناء الذكور وهم: «عبد الرحمن» و»خضر» اللذان ذهبا إلى الحرب في عهد الدولة العثمانية وانقطعت أخبارهما، و«رستم» الذي رزق إناثاً فقط، و«جميل» الذي رزق بأربعة أبناء ذكور هم: عبد الرحمن، وإبراهيم، وخير الدين، وعبد الحفيظ، وهم الذين يمثلون حالياً العائلة مع أولادهم وأحفادهم، وسكنوا في محلة رأس النبع بالقرب من مكان تمثال الشيخ بشارة الخوري المواجه لجامع عثمان بن عفان (ذي النورين).

وفي فترة الأحداث اللبنانية 1975-1990م. هاجر قسم كبير من الأسرة إلى مونريال في كندا، وقسم إلى فرنسا، وآخر إلى السعودية وقطر، ولم يبق من العائلة في بيروت إلا القلة.

ومن الآثار القديمة للأسرة مصحف قديم بخط اليد يتناقله الابن البكر في العائلة فالذي يليه، وبعض الهويات القديمة التي تعود إلى العهد العثماني.

واشتهر من العائلة في المجال التجاري السادة: جمال وكمال وعدنان قرقوطي، وفي مجال الهندسة محمد وهشام قرقوطي، وفي الإحصاء وإدارة الأعمال سمير وهلال قرقوطي، وبرز في المجال الدعوي جهاد وزوجته منال قرقوطي، وفي الوظائف العسكرية إياد وزياد قرقوطي، كما برز من الأسرة على الصعيد النسائي د. حنان قرقوتي (دراسات إسلامية) التي شغلت منصب أستاذة جامعية في كلية الإمام الأوزاعي للدراسات الإسلامية، ومناصب اجتماعية أخرى، وشاركت في عدة مؤتمرات داخلية وخارجية، ولها العديد من الكتب، ولها عدد من الأبحاث العلمية في دوريات محلية وعربية.

الجدير بالذكر ان أسرة قرقوطي (كركوتي) لها حضورها في ليبيا، وبرز منها الإعلامي والناشط أبو بكر قرقوطي (كركوتي) والصحافي، الكاتب والمعلق الإذاعي محمد قرقوطي (كركوتي).

وقرقوطي (قرقوتي) لغة من قرقوت إحدى مناطق شمالي حلب، وقد نسبت الأسرة إليها. كما استخدم العرب قديماً مصطلح القرط أو القرت بمعنى المسك الجيد، وبمعنى الرجل الذي يأكل كل شيء. كما أطلق على حامل الموز بأنه قُرط الموز.

كما ورد عن أجداد الأسرة بأنها تعني قرقط الرؤوس من الشدة والحدة في المعارك.

//-->