آل فانوس

مسلمون بيارتة لهم فرع قبطي (بمصر) وروم كاثوليك (بفلسطين) وسنّة (بسوريا)

من الأسر الإسلامية البيروتية، تعود بجذورها إلى القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية، لا سيما قبائل شمر التي أسهمت في فتوحات بلاد الشام ومصر والمغرب العربي، غير أن انتشارها كان واسعاً في بلاد الشام ومصر.

وتشير وثائق سجلات المحكمة الشرعية في بيروت إلى توطن أسرة فانوس في باطن بيروت، ومن بينها السيد أحمد فانوس من تجار وصناعيي القرن التاسع عشر. كما أشارت السجلات إلى السيد عثمان فانوس أحد القاطنين في القرن التاسع عشر في باطن بيروت بالقرب من أوقاف جامع الدباغة (جامع أبو بكر الصديق حالياً)، كما أشار السجل (1276-1278هـ) ص (386) إلى فرن بني فانوس بالقرب من الحمام الصغير قرب بركة الزينية في باطن بيروت.

و«آل فانوس»، من الأُسَرِ المسلمة التي نزلت بيروت منذ منتصف القرن السَّابع عشر الميلادي؛ وكانت سُكناهم وأملاكهم فيها حيث ما كان يعرف، قديماً، باسم «محلَّة قُفَّة الخُبْز»، في الموقع المشهور لاحقاً باسم «سوق البزركان». ولهذه العائلة فروعٌ عريقة في سائر أرجاء العالم العربي؛ إذ منهم فرع قُبطي كبير في مصر، وتحديداً في محافظة المنصورة؛ برز فيها السيدة أستر فانوس الشهيرة بـ أستر فهمي وفروع من الروم الأرثوذكس في عدد من بلدان فلسطين، وفرع من أهل السنُّة في سوريا؛ وثمَّة انتشارات أخرى لهم في العراق والمغرب وتركيا. اشتغل معظم أفراد هذه الأسرة البيارتة في التِّجارة، كما عملت قلَّة منهم في الوظائف العامَّة ومهام الترانزيت في ميناء بيروت.

 أشتُهر من آل فانوس، في منتصف القرن التَّاسع عشر، أحمد مصطفى فانوس، الذي اعتبر من أبرز صناعيي مواد التَّجميل في ذلك العهد؛ إذ كان لديه مصنع خاصٌّ يُصَدِّر منه صابون التَّجميل وصباغات الشِّعر والعطور، وكان أحد آل الحاسبيني ملتزماً توزيع هذه المصنوعات في بيروت. كما عُرِف الحاج عبد الوهاب فانوس، في مجالس الشَّأن العام وخاصة في دوائر المثقَّفين؛ إذ كانت له صداقات عديدة مع أهل الثقافة والأدب، وخاصَّة مع المربي والشَّاعر الشيخ محيي الدين الخيَّاط، الذي تولى مهام التفتيش العام في مدارس جمعيَّة المقاصد الخيريَّة الإسلاميَّة. وعُرِفَ من آل فانوس، في القرن العشرين، الدكتور عثمان فانوس، كما برز ابنه الطبيب الدكتور جميل عثمان فانوس المتوفى في 12 نيسان عام 2007؛ الذي اشتهر ببراعته في مجال الطبِّ العائلي، وبأنَّه طبيب الفقراء. وما زال كثيرون، من أهل المناطق الشَّعبيَّة في بيروت، يذكرون، إلى اليوم، عيادة الدكتور عثمان التي كانت في شارع صبرا، والتي طالما لجأ إليها المرضى طلباً للعلاج والمساعدة.

 ومن هذه العائلة، في الزَّمن الحالي، الدكتور وجيه فانوس؛ وكان والده، صبحي، من تجَّار مال القبَّان المعروفين في بيروت. وُلِدَ الدكتور وجيه فانوس في منطقة برج أبي حيدر سنة 1948، تلقى دراساته الابتدائيَّة والمتوسِّطة في مدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلاميَّة في بيروت (ابتدائيَّة عثمان ذي النورين وثانوية علي بن أبي طالب)؛ وتخرَّج في المرحلة الثانوية سنة 1967 من ثانوية رمل الظَّريف الرَّسمية في بيروت؛ ثمَّ تخرَّج الدكتور وجيه فانوس، في الجامعة اللبنانية، في اختصاصي اللغة العربية وآدابها وعلوم التَّربية من كليَّة التَّربيَّة؛ وحاز درجة «الكفاءة» (الماجستير) في اختصاص اللغة العربيَّة وآدابها من كليَّة التَّربية في الجامعة اللبنانيَّة سنة 1973. (موضوع رسالة الكفاءة: عمر الزِّعنِّي وشعره). انتخب، في تلك المرحلة، عضواً في مجلس فرع الطلاَّب في كليَّة التَّربيَّة في الجامعة اللبنانية من سنة 1969 إلى سنة 1971. ومن جهة أخرى، فقد تابع اختصاصات التاريخ والآثار في كليَّة الآداب والعلوم الإنسانيَّة في تلك الجامعة، وكان من الرَّعيل الأوَّل من الطلاَّب الذي تسجلوا لتحصيل الإجازة في الإعلام من معهد الإعلام في تلك الجامعة أيضاً.

 

 حصل الدكتور وجيه فانوس، من الجامعة اللبنانيَّة، نتيجة تفوُّقه العلمي، على منحة لمتابعة الدراسة الأكاديميَّة في الخارج؛ وكان أن حاز القبول في واحدة من أكثر الجامعات في العالم عراقة، وهي جامعة أكسفورد في إنكلترة؛ وكان أوَّل طالب من متخرجي الجامعة اللبنانيَّة يُقبل في أكسفورد؛ التي تخرَّج فيها، سنة 1980، برتبة الدكتوراه في النَّقد الأدبي. وانتخب، خلال سني دراسته في إنكلتره، أوَّل أمين سر لإتِّحاد الطلاَّب اللبنانيين في بريطانيا وشمال إيرلنده من سنة 1975- 1979. حاز درجة الدكتوراه في «النَّقد الأدبي المقارن» من كليَّة سانت أنتوني - جامعة أكسفورد في بريطانيا سنة 1980.(موضوع أطروحة الدكتوراه: Aspects Of The Lebanese Contribution to Modern Arabic Literary Criticism).

 عُيِّن الدكتور وجيه فانوس أستاذاً مُتَفرِّغاً للنَّقد الأدبي والأدب المقارن والحضارة المعاصرة ومناهج التدريس في الجامعة اللبنانية في كليَّة الآداب والعلوم الإنسانيَّة وكلية التَّربيَّة في الجامعة اللبنانيَّة، سنة 1980؛ وانتخب ممثلاً للأساتذة وعضوا في مجلس كلية التربية في الجامعة اللبنانية من سنة 1981 إلى 1983. تولَّى إدارة الفرع الأول من كليَّة الآداب والعلوم الإنسانيَّة في الجامعة اللبنانيَّة لدورتين إداريتين متواليتين، من سنة 1986 إلى سنة 1992؛ كما تولَّى رئاسة قسم اللغة العربيَّة وآدابها في الفرع الأول من كليَّة الآداب والعلوم الإنسانيَّة في الجامعة اللبنانيَّة لمدة ست سنوات، انتهت سنة 1992.

 رُفِعَ الدكتور وجيه فانوس إلى رتبة «أستاذ» في الجامعة اللبنانيَّة بدءاً من سنة 1990؛ وشغل مهام «أستاذ زائر» و»محاضر» و»مستشار أكاديميّ» و»عضو لجان تحكيم» و»عضو مناقش» في عدد من الجامعات والمؤسَّسات العلميَّة والإداريَّة في لبنان والعالم العربي. أما في لبنان، فقد ساهم الدكتور وجيه فانوس، إلى جانب تدريسه في كليَّات الجامعة اللبنانيَّة، في التَّدريس الجامعي في الجامعة الأميركيَّة في بيروت وجامعة بيروت العربيَّة والمدرسة الحربيَّة والجامعة الإسلاميَّة في لبنان، فضلاً عن إلقائه محاضرات في الجامعة اللبنانيَّة الأميركيَّة وجامعة سيِّدة اللُّويزة وجامعة الجنان والجامعة الأميركيَّة للعلوم والتِّكنولوجيا وجامعة الرُّوح القُدُس – الكسليك؛ ومشاركاته في لجان العمل المتخصِّصة في مجلس الخِدمة المدنيَّة والمركز التَّربوي للبحوث والإنماء. وهو حاليَّاً المستشار الأكاديمي لرئيس الجامعة الإسلاميَّة في لبنان ورئيس قسم الدراسات العليا في كليَّة الآداب والعلوم الإنسانيَّة في الجامعة الإسلاميَّة في لبنان؛ فضلاً عن كونهِ قد انتخب الأمين العام لاتِّحاد الكتَّاب اللبنانيين، ونائب رئيس المركز الثَّقافيّ الإسلامي.

كما عرف من الأسرة السادة: بهيج، بلال، جميل، خليل، زهير، زياد، عارف، عبد الرحمن، عمر، كمال، محمد جميل، محمد خضر، محمد رائف، محمد عادل، محمد وفيق، نصري، هشام، وليد عارف فانوس. كما برزت الدكتورة مهيبة محمد فانوس المتوفية في أوائل نيسان عام 2012 وهي عقيلة الدكتور أحمد عبد الله الداعوق. أولادها: الدكتور عبد الله، والدكتور أيمن، الدكتورة نهلة وحنان.

كما عرف من أسرة فانوس الأشقاء السادة: المهندس خضر محمد فانوس، والمهندس هشام محمد فانوس، والدكتور ماهر محمد فانوس. كما انتشرت أسرة فانوس في مناطق عديدة في مصر، وقد عرف منها على سبيل المثال السيد فاروق فانوس رئيس مجلس إدارة شركة سوتير في مصر و الاديبة أستر فانوس الشهيرة بـ «أستر فهمي» من فرع الأسرة في مصر .

وفانوس لغة أطلقها العرب الأوائل على الرجل كثير الكلام، كما أطلقت على مجموعة من الرجال على أنهم فوانيس، ويوم أطلقها العرب لم يكن هناك الفانوس الذي نعرفه اليوم، بل كان يستخدم المشعل في الإضاءة والقبس. غير أن الفانوس تأتي أيضاً بمعنى الجهاز اليدوي المصنع من الزجاج الذي يضيء المنزل أو الطريق في الليل، ونوره غير كافٍ للإضاءة. ويقال للرجل «مفونس» وهي من فانوس، وتعني مُغمض العينين لا يرى كثيراً بسبب قوة إضاءة الشمس أو النور.

//-->