آل غزال

من الأسر الإسلامية والمسيحية البيروتية واللبنانية والعربية، ولها انتشار واسع في رأس المتن وجديدة مرجعيون وجزين والبقاع وصيدا وعدة مناطق لبنانية، لهذا نرى أن فروع الأسرة توزعت بين السنة والشيعة والدروز، والمسيحية. ونظراً لجذورها العربية فقد عرف فرع منها في صيدا باسم العرب الغزال.

 

تعود الأسرة بجذورها إلى شبه الجزيرة العربية، إلى قبائل غزال في نجد، وما تزال مستقرة فيها حتى اليوم. وقد توطنت عبر التاريخ في مصر وفلسطين والأردن وسوريا لا سيما دمشق وحلب، وبعض فروعها ينتسب إلى عشائر عربية من الحديديين استقرت لعقود في الناصرة في فلسطين وإِربد في الأردن وحلب في سوريا وبغداد والموصل في العراق، وفي مكة المكرمة والمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية. وأشار الحميدي في كتابه «الروض العطار في خبر الأقطار» ص (428) من أن منطقة غزال هي «ثنية بين الجحفة وعسفان...».

برز من أسرة غزال في بيروت فضيلة الشيخ محمد محيي الدين الغزال (1910-1991) أحد علماء بيروت، كان له إسهامات دينية وتربوية في مدارس جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية وفي المجتمع الإسلامي، وفي المؤسسات البيروتية. وتكريماً لعلمه وفضله وعطاءاته، نشير إلى هذه الدراسة الموجزة عن سيرة حياته.

هو وجه بيروتي مقاصدي مشرق وبارز، وواحد من قادة التربية والعمل الإسلامي، ولد في بيروت عام 1910م، ونشأ في بيت وطني ملتزم، يؤمن بالعلم والفضيلة، ويعمل على تعزيز شأن المسلمين، وتعميق الروح الوطنية والعربية.

تلقى علومه الابتدائية في مدرسة البنين الأولى – الحرج، وتابع دراسته في مجال الدراسات الإسلامية في الجامع الأزهر الشريف حيث نال الشهادة الأزهرية العالمية من مجلس الأزهر الأعلى عام 1350هـ، ليخرج إلى ميدان العمل والدعوة مسلحاً بالعلم الذي تلقاه على أيدي أستاذه العلامة الشيخ عبد الرحمن سلام، الملقب بـ «فرزدق عصره»، وملتزماً بقواعد الدين الحنيف عاملاً في خدمة الوطن والمجتمع، بتقوى الله وحب الخير للناس جميعاً.

في المقاصد:

1- بتاريخ 10/10/1932، والشيخ في ريعان شبابه دخل سلك التعليم في جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، واختار هذه المهنة طريقاً إلى إعداد الأجيال وخدمة الوطن. وقد رافق مراحل التعليم في بيروت وفي مدارس القرى التابعة لجمعية المقاصد، وأدى قسطاً كريماً في التوجيه والإرشاد كمدرس ومرب ومدير ومفتش في المدارس المذكورة.

2- وفي عام 1942 انتدب التدريس في الكلية الشرعية لمدة سنتين عاد بعدها إلى متابعة العمل في مدارس المقاصد منذ عام 1944، وخاصة في مدرسة عمر بن الخطاب، ومدرسة عثمان بن عفان (ذي النورين).

3- في عام 1953 عيّن مديراً لمدرسة عثمان ذي النورين التي بقي فيها بهذه الصفة حتى عام 1966 حيث نقل إلى العمل في مديرية التعليم في الجمعية.

4- وفي سنة 1967 تولى مهمة التفتيش والتوجيه في مدارس المقاصد لتعليم التربية الدينية، وكان من أبرز مقترحاته إقامة دورات لتعليم القرآن الكريم وتلاوته وتجويده، واقترح على الجمعية تعيين المرحوم الشيخ حسن دمشقية، شيخ القرّاء معلماً في هذه الدورات.

5- تولى التدريس في مركز إعداد المعلمين، في الأعوام 66-67-68 كما تولى التدريس في معهد التمريض منذ عام 1978 حتى عام 1982.

6- وقبل إحالته إلى التقاعد في 30/9/1974، لبلوغه السن القانونية، اقترح على المعنيين في الجمعية فتح دورة مسائية لتعليم العلوم الدينية لأبناء المسلمين في المدارس الأجنبية. وفي العام ذاته وبعد إحالته إلى التقاعد قررت جمعية المقاصد التعاقد معه للعمل في مدارسها والإشراف على تعليم مادة التربية الإسلامية والقيام بمهمة موجه للمراكز الدينية للتلاميذ غير المقاصدين، حيث بقي في العمل حتى 30/9/1982، وقد كان خلال المدة المنصرمة يعلّم كذلك في مركز إعداد المعلمين المقاصدي.

7- وفي العام 1982 ذاته، رأت جمعية المقاصد أهمية استمرار عمل المغفور له في متابعة رسالته التربوية الإسلامية والإفادة من خبرته الطويلة وعلمه الواسع، فكلفته مجدداً بإدارة مراكز تعليم القرآن الكريم والفقه الإسلامي والإشراف على تنفيذ برامجها، كما كلفته متابعة الإشراف على تعليم تلاوة القرآن الكريم ومادة التربية الإسلامية في مدارسها الابتدائية، ودراسة أوضاع هذه المدارس التي بقي يؤدي واجبه فيها حتى آخر عام 1991.

8- وفي مجال التأليف كان للمغفور له إسهام بارز في سلسلة كتب المبادئ الإسلامية التي أصدرتها جمعية المقاصد، وقد تم لاحقاً تكليفه بتنقيح وتعديل هذه الكتب. وقام بمهمته على أكمل وجه. ومن مؤلفاته بالاشتراك مع الشيخ أحمد العجوز، كتاب (فن التجويد وأحكامه) وله كذلك كتاب مناسك الحج.

في مجال العمل الوطني والإسلامي

1- في زحمة العمل الذي كان يلتزم به صاحب الفضيلة في قطاع التربية والتعليم في جمعية المقاصد، كان في الوقت ذاته يلتزم بالمشاركة في كل الأنشطة الاجتماعية والمشاريع الخيرية والإنمائية في العاصمة، ويشجع كل مسعى أو عمل منتج يهدف إلى خير بيروت وخير المجتمع حتى أنه ليندر أن نرى نشاطاً في هذه الحقول الاجتماعية والوطنية لم يكن فيه للشيخ محمد الغزال موقع أو دعم صادق.

2- وفي مجال الأوقاف، كان رحمه الله عضواً في إدارتها في بيروت، وقد عمل حتى عام 1967 على تطوير موارد الأوقاف، والسعي إلى تنميتها والالتزام بالمحافظة عليها.

3- وفي علاقاته وانفتاحه، كان شديد التمسك بصداقاته الواسعة جداً، والتي تكاد تشمل كل بيت في مدينته العزيزة بيروت المحروسة، وكل المناطق اللبنانية، وأهلها الطيبين من جميع الطوائف والمذاهب، وقد حرص حتى آخر أيام حياته على أن لا يترك مناسبة اجتماعية أو لقاء ثقافياً مهماً أو نشاطاً وطنياً حقيقياً إلا وشارك فيه أو شجع على إقامته، وقام بدور بارز في كافة لجان المساعي الحميدة في دار الإفتاء والأوقاف وكان له فضل ظاهر في إطلاق الحركة الكشفية، إذ كان يشجع أولاده وجميع تلامذة مدرسته على الانخراط في العمل الكشفي.

أما خارج لبنان فقد شارك في عدة وفود رسمية من خلال دار الفتوى، ومنها السفر إلى المملكة العربية السعودية عام 1967 بصحبة سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية السابق المغفور له الشيخ الشهيد حسن خالد، بالإضافة إلى زياراته الأخرى وأداء فريضة الحج عام 1971 وتكرار ذلك عدة مرات فاقت العشرين حجة، وقد شارك لفترة طويلة في عضوية جمعية الحجاج في لبنان كعضو فيها ونائباً للرئيس وأسهم في نشاطاتها وفي خدمة وفد الحجيج المسلمين خلال مواسم الحج إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة. وبتاريخ 20 حزيران 1991 انتقل مطمئناً إلى جوار ربه (رحمه الله).

في عام 1992 قامت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت بتنظيم حفل تكريمي مركزي للعلامة الشيخ محمد غزال برعاية رئيس الجمعية آنذاك الرئيس تمام بك سلام والقيت كلمات للسادة: الشيخ صلاح الدين فخري ممثلاً مفتي الجمهورية، الرئيس شفيق الوزان، الشيخ بطرس حرب وزير التربية الوطنية، معالي د. جميل كبي ممثلاً للرئيس تمام بك سلام، وألقيت كلمات لآل الفقيد ألقاها الأستاذ عبد الرحمن غزال.

هذا، وقد برز شقيقه المربي الأستاذ عبد الرحمن غزال أحد أساتذة التربية البدنية من الرعيل الأول في بيروت ولبنان، والمسؤول الرياضي في جامعة بيروت العربية، ومدير المدينة الرياضية الأسبق. كما برز شقيقه السيد صبحي الغزال.

كما برز في ميدان الخدمة العامة والكشفية أنجال الشيخ محمد غزال السادة: السيد مروان غزال المفوض العام للكشاف المسلم، وشقيقه بسام غزال عضو الهيئة العامة للكشاف المسلم، وفيصل وجهاد غزال.

وعرف من أهل السُّنة في قب الياس في البقاع فضيلة الشيخ حسين غزال. كما عرف من الأسرة في بيروت السادة: أحمد، إسماعيل، جمال، جمال الدين، خالد، سامي، سعيد، صبحي، صلاح، علي، كمال، محمد، محيي الدين، وسواهم. وعرف من الأسرة المسيحية سيادة المطران سليم غزال، والمحامي شهدان الغزال، ورجل الأعمال جميل الغزال، والقاضي المستشار نديم الغزال عضو مجلس شورى الدولة، والأستاذ الجامعي د. باسم غزال.

كما عرف من أسرة غزال منى غزال رئيسة جمعية سيدات رأس المتن، والأديبة والشاعرة رشا غزال، والإعلامية البارزة عبير غزال حفيدة العلامة الشيخ محمد غزال إحدى المسؤولات في جامعة بيروت العربية، والناشطة عفاف غزال عضو الهيئة الإدارية للتجمع النسائي الديمقراطي في لبنان. كما عرف من الأسرة السادة: إبراهيم، أديب، أسعد، إسكندر، الياس، اميل، انطوان، ايلي، بهيج، بولس، جان، جورج، جوزيف، حنا، خالد، ديب، رامز، سليم، سمير، سهيل، طانيوس، عبد الله، فادي، فريد، فؤاد، قاسم، مارسيل، مارون، موريس، ميشال، نجيب، نزيه غزال وسواهم.

وغزال لغة أطلقها العرب على الرجل الجميل الرشيق طويل القامة تشبهاً بالغزال. لهذا لا بد من التمييز لغة وأصولاً بين أسرة الغزال وأسرة الغزَّال إحدى قبائل العرب الأخرى، على اعتبار أن الغزَّال هو الرجل الذي يقوم بغزل الصوف وما في حكم ذلك، من بينهم الشاعر الأندلسي يحيى بن الحكم الغزَّال (774-864هـ) والأديب أحمد بن المهدي الغزَّال المغربي (ت 1777م).

//-->