الأحدب 

من الأُسر الإسلامية البيروتية والطرابلسية. تعود بجذورها إلى قبيلة غافق في شبه الجزيرة العربية، وقد أسهمت في فتوحات مصر وبلاد الشام مع بقية القبائل العربية، واستقرّ جدها الأول الأحدب في مصر العليا، واتخذت عشيرته اسم بني الأحدب، ومن ثم توطّن فرع من القبيلة في طرابلس الشام وحماه. كما أشارت مصادر أخرى أن جذورها تعود إلى النسب النبوي الشريف إلى الإمام الحسين رضي الله عنه.

عرف من الأسرة قديماً: العلاّمة أبو محمد الربيع بن عبد الله بن خطاف الأحدب، كما عرف منها العلاّمة أحمد بن القياتة بن غافق بطن من غافق، والمنتسب إليه أبو موسى عيسى بن إبراهيم بن عيسى بن مثرود الأحدبي مولى غافق (170 ـ 261هـ).

والحقيقة فإن العهد العثماني شهد العديد من كبار العلماء من آل الأحدب في طرابلس وبيروت في مقدمتهم العلاّمة الكبير الشيخ إبراهيم الأحدب (1826 ـ 1891م) أحد العلماء والحكّام والرؤساء الشرعيين في محكمة بيروت الشرعية في منتصف القرن التاسع عشر، وهو عالم وأديب وفقيه حنفي. له العديد من الفتاوى والاجتهادات الفقهية، والعديد من المؤلفات منها: «المقامات» و«كشف المعاني والبيان عن رسائل بديع الزمان» و«فرائد الآل من مجمع الأمثال». له أثر واضح في النهضة العلمية والاجتماعية والدينية والوطنية في بيروت وطرابلس والولايات العربية في العهد العثماني.

وبرز من أسرة الأحدب: نجله حسين بك الأحدب (1870 ـ 1940م) من مواليد بيروت عام (1870م). تلقى علومه في عدة مدارس بيروتية وعلى بعض شيوخ عصره، وعلى والده العلاّمة الشيخ إبراهيم الأحدب. عضو مجلس بلدية بيروت، عُيّن عام (1905م) موظفاً في ولاية بيروت العثمانية، وفي عام (1910م) عُيّن محرراً في الجريدة الرسمية، كما تولى منصب رئيس مكتب والي بيروت، ثم وكيل المتصرف في مدينتي حيفا واللاذقية. في عام (1912م) تولى قائمقامية صفد ثم زحلة. وفي عام (1917م) عُيّن حسين الأحدب محافظاً لمدينة طرابلس، ثم محافظاً لمدينة بيروت في عهد الانتداب الفرنسي (1920 ـ 1928م). في عام (1928م) عُيّن وزيراً للمالية والأشغال والزراعة، واستمر وزيراً في عدة وزارات بين أعوام (1928 ـ 1931م) ولمدة خمس مرات متوالية، وفي الوقت نفسه كان نائباً عن محافظة الشمال في مجلس النواب الثاني (1929م). توفي في 17 أيار عام (1940م) بعد سجل حافل من الأعمال السياسية المجيدة. كان متأهلاً من سيدة تركية تدعى صابرة، لهما أنجال هم: إبراهيم، فايز، نعمت، صالحة ونجدت. قام الورثة بوهب مكتبته الخاصة النادرة بكاملها إلى كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية. أطلقت بلدية بيروت اسمه على أحد شوارع ساحة النجمة في وسط العاصمة من المجلس النيابي تكريماً ووفاءً له.

كما برز في بيروت وطرابلس من آل الأحدب: السيد سعيد الأحدب ونجله خير الدين الأحدب (1894 ـ 1941م) من مواليد بيروت عام (1894م)، تلقى علومه في بيروت في مدرسة الفرير. درس علوم الرياضيات في جامعة السوربون في فرنسا. عمل فترة في المفوضية العليا التابعة للانتداب الفرنسي، سرعان ما أسس صحيفة «العهد الجديد» عام (1925م) واستمرت في الصدور حتى عام (1937م)، كما أصدر صحيفة (Pan-Arab).

عارض الانتداب الفرنسي، ولجأ إلى فلسطين مع المناضل رياض الصلح، ثم عاد إلى بيروت بعد أن صدر قرار بالعفو عنه. ونظراً لمكانته السياسية، فقد انتخبه البيارتة نائباً عنهم في دورة عام (1934م)، ثم عُيّن نائباً عن محافظة الشمال عام (1937م).

في كانون الثاني عام (1937م) عُيّن رئيساً لمجلس الوزراء اللبناني ووزيراً للعدلية والداخلية، ثم توالى على رئاسة الحكومة لفترات قصيرة أربع مرات بين آذار (1937م) وكانون الثاني (1938م). توفي فجأة في مرسيليا في فرنسا عام (1941م) ودفن فيها مؤقتاً بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية، ثم نقل رفاته إلى بيروت عام (1947م) ليدفن في مدافن العائلة في جبانة الباشوراء.

متأهل من السيدة أولغا مسلّم، ولهما: وليد وعايدة. أطلقت بلدية بيروت اسمه على أحد شورع منطقة مار الياس. وبرز حديثاً من آل الأحدب في طرابلس نائب الشمال مصباح عوني الأحدب (1962 ـ 0000م) منذ عام (1996م).

وممن برز من أسرة الأحدب البيروتية ـ الطرابلسية اللواء الركن عزيز الأحدب الذي أثرى الحياة العسكرية والسياسية والفكرية في لبنان منذ أن كان ضابطاً إصلاحياً في الجيش اللبناني، وقد اشتهر عنه محاولته لإحداث انقلاب في لبنان في بداية الحرب اللبنانية عام (1975م) لا حباً في الانقلاب، وإنما بهدف إنقاذ لبنان مما كان فيه. له مؤلفات عديدة في تاريخ الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير وفي الجيش اللبناني وسواه. وبرز من الأسرة أيضاً: المحامي الدكتور عبد الحميد الأحدب أحد كبار القانونيين والحقوقيين في لبنان والعالم لاسيما في مجال التحكيم اللبناني والعربي والدولي.

والأمر الملاحظ، أن أسرة الأحدب ومنذ العهود العربية والإسلامية الأولى حتى اليوم، قد تميّزت بكثرة علمائها ومفكريها ورجال القانون والاقتصاد والاجتماع فيها.

أما فيما يختص بلقب الأحدب، فيقول إبن الأثير في كتابه اللباب 1/30: أنه أطلق على أبي محمد الربيع بن عبد الله بن خطاف الأحدب لحدب في ظهره، وهو الانحناء  ولنتوء. وفضلاً عن ذلك، فقد أطلق العرب القداميعلى الرجل القوي الشديد لقب الأحدب.

//-->