المقتدر

قال تعالى: إن المتقين في جناتٍ ونهرٍ "54" في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدرٍ "55" (سورة القمر)

هو ربي المقتدر، ذو القدرة العظيمة، المسيطر بقدرته البالغة على خلقه وعلى كل من أعطاه حظاً من قدرة. وهو المقتدر على جميع الممكنات، والمقتدر يفيد معنى القادر مبالغة وأكثر تعظيماً. والأمور تجري بقدرة الله ومقداره وتقديره وإقداره ومقاديره، والقدر (بالفتحة) هي ما يقدره الله من القضاء، وقد ذكر المقتدر في القرآن الكريم مرتين في سورة القمر. وجميع المخلوقات والكائنات كلها مقهورة لله، خاضعة لعظمته، منقادة لإرادته، فجميع نواصي المخلوقات بيده، لا يتحرك منها متحرك، ولا ينصرف متصرف إلا بحوله وقوته وإذنه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فمن قدرته واقتداره أنه خلق الخلق، ثم يميتهم ثم يحييهم ثم إليه يرجعون.

قال تعالى: وما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفسٍ واحدةٍ .. "28" (سورة لقمان)

وقوله تعالى: وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه .. "27" (سورة الروم)
ويقول جل علاه: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28" (سورة البقرة)

ومن آثار قدرته سبحانه أنك ترى الأرض هامدة، فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج، ومن آثار قدرته ما أوقعه بالأمم المكذبة والكفار الظالمين من أنواع العقوبات وحلول المثلات، وأنه لم يغن عنهم كيدهم ومكرهم ولا أموالهم ولا جنودهم ولا حصونهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمر ربك، وما زادهم غير تتبيب. وخصوصاً في هذه الأوقات، فإن هذه القوة الهائلة والمخترعات الباهرة التي وصلت إليها مقدرة هذه الأمم هي من إقدار الله لهم وتعليمه لهم ما لم يكونوا يعلمونه.

فمن آيات الله أن قواهم وقدرهم ومخترعاتهم لم تغن عنهم شيئاً في صد ما أصابهم من النكبات والعقوبات المهلكة، مع بذل جدهم واجتهادهم في توقي ذلك، ولكن أمر الله غالب، وقدرته تنقاد لها عناصر العالم العلوي والسفلي. ومن تمام عزته وقدرته وشمولها أنه كما أنه هو الخالق للعباد، فهو خالق أعمالهم وطاعاتهم ومعاصيهم، وهو أيضاً خالق أفعالهم، فهي تضاف إلي الله خلقا وتقديراً، وتضاف إليهم فعلاً ومباشرة على الحقيقة، ولا منافاة بين الأمرين، فإن الله خالق قدرتهم وإرادتهم، وخالق السبب التام وخالق للمسبب، قال تعالى: والله خلقكم وما تعملون "96" (سورة الصافات)

ومن آثار قدرته ما ذكره في كتابه من نصره أولياءه، على قلة عددهم وعددهم على أعدائهم الذين فاقوهم بكثرة العدد والعدة.

قال تعالى: كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله .. "249" (سورة البقرة)

ومن آثار قدرته ورحمته ما يحدثه لأهل النار وأهل الجنة من أنواع العقاب وأصناف النعيم المستمر الكثير المتتابع الذي لا ينقطع ولا يتناهى، فبقدرته أوجدت الموجودات، وبقدرته دبرها، وبقدرته سواها وأحكمها. وبقدرته سبحانه يحيى ويميت، ويبعث العباد للجزاء ويجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، وبقدرته يقلب القلوب ويصرف على ما يشاء، الذي إذا أراد شيئاً قال له: (كن فيكون) .
قال الله تعالى: إن الله على كل شيءٍ قدير "148" (سورة البقرة).

 [ عودة للقائمة الرئيسيّة ]

  //-->