المبدئ ـــ المعيد

قال تعالى: إنه يبدأ الخلق ثم يعيده .. "4" (سورة يونس)

هو الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلي الممات، ثم يعيدهم بعد الموت إلي الحياة. يقول الحق سبحانه: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28" (سورة البقرة)

ويقول جل علاه: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى "55" (سورة طه)

وفي اللغة يقال: فلان ما يبدئ وما يعيد، إذا لم تكن له حيلة. وقال تعالى: يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداُ علينا إنا كنا فاعلين "104" (سورة الأنبياء)

فالله جلت قدرته منه البداية وإليه النهاية. يقول الحق سبحانه: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28" ( سورة البقرة)

فكل شيء مخلوق له بداية وله نهاية، والذي يملك البدء والإعادة هو القادر على الإحياء والإماتة؛ لأن الدنيا أعمار، وفيها معمرون، ومادامت الدنيا تنتهي بالآخرة، فكل شيء له نهاية وله بداية. يقول الحق سبحانه: كل من عليها فانٍ "26" (سورة الرحمن)
وفي سياق الآيات سالفة الذكر نلمح ما يلي:

(وكنتم أمواتاً) أي: عدماً (فأحياكم) وهذه بداية.

(ثم يميتكم) وهذه نهاية ـ (ثم يحييكم) وهذه بداية (ثم إليه ترجعون) وهذه نهاية تتبعها إما إلي جنة الأبد، أو إلي نار الخلد.

وهذه الصفات يختص بها الواحد الأحد، فقد يبدأ الإنسان عملاً وقد ينهيه، ولكن أساسيات هذا الشيء موجودة قبل بدء الخلق فيه، أما نهايته على يد المخلوق فهي نهاية في شيء موجود قد يعود وقد لا يعود. ونضرب لذلك مثلاً ـ ولله المثل الأعلى ـ الزارع بدأ الزرع وجاء حصاده، وهذه بداية ونهاية مقرونة بزمن ومكان. فالزرع من مقدور الله بدليل قوله تعالى: أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون "64" (سورة الواقعة)

والحصاد بأمره: وآتوا حقه يوم حصاده .. "141" (سورة الأنعام)

والإنسان فاعل بأمره، ومريد بإرادة، مصحوب بحركة وبقدرة، وينطبق عليه البدء والإعادة بخلاف الخالق؛ لأن الخالق هو الأول قبل كل شيء بلا بداية، والباقي بعد فناء كل موجود بلا نهاية. وكل حركة في الكون بما فيه ومن فيه لها بدء ولها نهاية، والكل مملوك لله، فهو الفعال لما يريد، وهو على كل.

[ عودة للقائمة الرئيسيّة ]

//-->